كنت اقلب جهاز التلفاز ليلا، فسمعت ان الرئيس السوري بشار الاسد قد اصدر قرارا بالافراج عن مئات المعتقلين السياسيين في السجون منذ امد بعيد، والمعتقلون المفرج عنهم ينتمي نصفهم الى جماعة الاخوان المسلمين، بينما ينتمي النصف الاخر الى «التيار اليساري الثوري».. رائع وجميل.
اما الاجمل فهو قرار الرئيس اغلاق «سجن المزه» القابع على تله عاليه ، اطراف دمشق الفيحاء.. وسجن المزه قائم في سوريا منذ زمن بعيد ، حيث استخدمته القوات الفرنسيه المحتله لبلادنا، كان مقرا ومستقرا ومقاما لمعظم الزعماء والقاده السياسين في سوريا، امثال ميشيل عفلق، نور الدين الاتاسي، صلاح جديد، يوسف زعين، جورج حبش وغيرهم، ولم يسلم الرئيس حافظ الاسد نفسه من دخول هذا السجن فتره من الزمن، قبل ان يفرج عنه، بعد اندحار الانفصيالين، حيث اضطلع الراحل بدور محوري غير وجه سوريا ، وربما المنطقه باسرها .
وللسجون في وجداني وقع خاص ، حيث كنت من رواد تلك السجون ، فهدم سجن او اغلاقه يريح ضميري ويدخل السكينه الى اعماقي .. اشعر بالفرح .. ارقص.. اغني .. «انشكح» .. اشعر ان القادم جميل .
لقد سقط قبل ذلك سجن الرمل في لبنان ، وسقط سجن المحطه في عمان ، والذي هو الاخر كان موطن استقرار لمعظم رموز الحركه الوطنيه في الاردن ، على امتداد اربعه عقود.
في الخمسينات والستينات كان سجن المحطه المقر الدائم للشيوعين والبعثيين والقوميين العرب والناصريين ،وكذلك بعض الاحزاب الاسلاميه المتشدده «حزب التحرير الاسلامي»، وفي السبعينات والثمانينات كان السجن بعينه يعج بالالوف من شبان حركة المقاومه الفلسطينيه..
هكذا السجون العربيه : المزه ... الرمل ... ابوزعبل .. القلعه .. المحطه ... ابوغريب، لومان طره، اسماء لها وقع مؤلم على النفس، زوالها يريح النفس ويبهجها.. لان استمرارها هدر لروح الامه واستلاب لقدرتها على الحياه.
دعني اقول قبل ذلك .. وبعد ذلك: تحيه لكل من يغلق سجنا.
ودعني احلم بعالم عربي ..بلا سجون !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق