«قلب شجاع» فيلمٌ سينمائيٌ رائعٌ .. حاز على أربع جوائز أوسكار كنت قد شاهدته قبل سنوات .. يحكي الفيلم قصة بطل قومي أسكتلندي .. ونضال الشعب الأسكتلندي ضد الإحتلال البريطاني لبلادهم .. وجبروته وتسلطه ..
خطر ببالي هذا الفيلم .. وانا أتابع أخبار إمرأة شجاعة تتعرض لحملة شرسة من قبل المنظمات الصهوينية في بلادها هولندا .. هذه المرأة «جريتا دويزنبرغ» هي زوجة رئيس البنك المركزي الأوروبي .. هذه المرأة الإنسانة .. ترتبط بصداقات مع الجالية العربية .. وخاصة الفلسطينية في بلادها .. تعرفت وعن كثب على مأساة العرب في فلسطين وشاهدت بأم عينيها البطش الصهيوني اليومي بحق أبناء فلسطين أصحاب الأرض الأصليين .. ولاحظت كيف انهم يتعرضون إلى المذابح .. تلو المذابح .. والتنكيل .. وهدم البيوت .. وتدمير المزروعات .. والإعتقال التعسفي .. وإهانة إنسانية الإنسان في الشوارع .. والطرقات .. والأسواق .. رجالاً ونساءاً وأطفالاً .. لا فرق ..
هذا الواقع المأساوي .. الذي عايشته «جريتا» عبر مشاهداتها .. ومتابعاتها لشاشات التلفزة العالمية .. دفعها إلى زيارة فلسطين أكثر من مرة .. كان آخرها قبل عدة أيام .. حيث زارت المدن المهدمة والأرض المحروقة ورأت بأم عينها العوز والفقر والآلام كما زارت الرئيس الفلسطيني «ياسر عرفات» بمقره المحاصر .. وأعربت بوضوح عن تضامنها .. وتأييدها الواسعيين له ولشعبه الفلسطيني وقضيته العادلة ..
وإثر عودتها إلى بلادها راحت تصرح بوضوح .. ان الإحتلال الصهيوني لفلسطين أسوأ من الإحتلال النازي لهولندا ..
ومن هنا ثارت ثائرة المنظمات الصهيونية .. في هولندا وسواها .. وراحت تطالب المسؤولين في أوروبا .. بضرورة إستجواب زوجها رئيس البنك المركزي الأوروبي .. عما إذا كان يؤيد أقوال زوجته المعادية للسامية .. تمهيداً لدفعه إلى الإستقالة او إقالته من منصبه ..
الزوج أعلن بشجاعة وحزم .. أنه يؤيد أقوال زوجته بالكامل .. رغم انه ليس معادٍ للسامية .. لكنه يرفض الظلم .. والإحتلال .. والإستعباد ..
الصهاينة يقفون بالمرصاد لكل صغيرة وكبيرة .. يتابعون كل من يفضح ظلمهم وعدوانهم .. يحاصرون الناس في أرزاقهم .. ويضعون حداً لمستقبل كل من تسول له نفسه ان يتصدى لهم سواء كانوا قادة سياسييين .. او فنانين .. او غيرهم .. ما لم يركع للمنطق الصهيوني المهيمن ..
اما نحن فإننا نتحسس أقفيتنا كل يوم .. بسبب ما تتعرض له من ركلات .. وأوطاننا كلها يجري إستباحتها .. وسرقتها دون أي حراك ..
ولعل هذه الناشطة ..قد واجهت حملة شرسة .. ومنظمة من قبل المنظمات الصهيونية في الداخل والخارج .. بغية دفعها نحو التراجع .. والإستسلام منذ ان رفعت علماً فلسطينياً على شرفة منزلها .. ومع هذا لم تتراجع .. ولم تستسلم .. بل واصلت طريقها ولا زالت نحو ممارسة حقها في فضح ممارسات همجية بحق شعب عانى .. ويعاني من قهر الإحتلال منذ أكثر من نصف قرن ..
لهذه المرأة ضمير حي .. وقلب شجاع .. أكثر بكثير من بطل الفيلم الذي شاهدته قبل بضع سنوات .. ولهذا فهي تستحق أكثر من جائزة أوسكار عن دورها في الحياة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «303» التاريخ : 14/1/2003 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق