السبت، 23 أكتوبر 2010

وحدة الدم



كنت قلقاً ومضطرباً .. أتابع بإهتمام تفاصيل وتداعيات التحضيرات العدوانية ضد العراق .. ولأنني كنت أستجمع إحساساً عميقاً بقرب الهجوم .. فقد شاهدت إنطلاق زخات الصواريخ الأولى التي إنطلقت بإتجاه هذا البلد العربي الأبي .. هذا العدوان المبيت والغادر .. والذي كان يستهدف إغتيال القيادة العراقية وعلى رأسـها الرئيــس صــدام حســـين ..
ومنذ اللحظة الأولى لبدء الهجوم .. راحت تنهال على رؤوسنا كالمطر جملة أكاذيب .. إشاعات .. إعلام مضلل .. موجه .. لخدمة الإدارة الأمريكية وتوجهاتها العدوانية تجاه العرب والعراق ..
أصبت بحالة من الصدمة والقلق .. ظلت تلاحقني لساعات وانا أحملق في التلفاز .. أقلّب من محطة إلى أخرى .. إلى ان شاهدت الرئيس صدام حسين يخاطب شعبه وأبناء الأمة وأحرار العالم بلهجة واثقة متزنة بعيدة عن أي إنفعال .. يدعوهم جميعاً إلى تحمل مسؤولياتهم والدفاع عن وطنهم وشرف ومصالح الأمة العربية والإسلامية في مواجهة هذا العدوان المتوحش على العراق.
هدأت مخاوفي .. أغلقت جهاز التلفاز لعلي اجد قسطاً من الراحة .. فالأمر بات مطمئناً ولا مبرر للقلق .. ذلك ان قائد المعركة في الميدان يوجه رفاقه وقادته وجنوده نحو مواجهة هؤلاء القتلة بكل ثقة وإقتدار ..
إندلعت المواجهة .. وتلاحقت الصواريخ بكل أنواعها عشرات .. مئات .. ألوف في اليوم الواحد وبدأ الدم العراقي يسيل .. يطهر الأرض .. والنفس .. والوجدان ..
قتال ضار في أم القصر .. وقتال أكثر ضراوة في البصرة .. والناصرية .. وذي قار .. الدم العراقي النازف يزداد ويزداد .. يغسل تراب الوطن دفاعاً عن كرامة الأمة .. الدم يجر الدم .. عندها لم يقتصر الأمر على الدم العراقي لوحده .. فسال الدم العربي في اليمن والبحرين والسودان ومصر تضامناً وإنحيازاً لأبناء جلدتهم هناك في بغداد ومدن العراق المقاتلة .. فلا شرف لهذه الأمة غير القتال ..
ولخمسة أيام من القتال الضاري .. وعلى نحو غير متكافئ .. فالحشود الغازية لم يسبق لها مثيل من حيث قوة الآلة والدمار ..
لم نر إستسلاماً عراقياً لا بالمئات ولا حتى بالعشرات ولم نر عراقياً واحداً يحمل وردة يستقبل فيها الغزاة .. فقد أهلكتنا الإدارة الأميركية كذباً وهي تعلن صباح .. مساء ان العراقيين تواقون للتخلص من نظام صدام حسين ..
العراقيون وفي مشهد مؤثر وذي مغزى عميق وتحت القصف .. الألاف يفتشون عن طيارين مرتزقة أسقطت طائراتهم الدفاعات الجوية العراقية فوق بغداد .. لم يعرفوا الخوف ..
أليس هؤلاء العراقيين من إدعت أميركا انهم سيستقبلون قواتها الغازية بالورود .. لقد فعلوا عكس ذلك حين إستقبلوا جحافل الغزاة بالنار .. والعصي .. والأحذية ..
اللافت ان الطائرات والبوارج والصواريخ التي تقصف العراق هي ذاتها وأدوات القمع في كل العواصم .. الهراوات .. والخوذات .. والتروس .. وقنابل الغاز .. وخراطيم المياه الساخنة .. والملونة كلها أميركية الصنع .. هل هي مجرد صدفة !!
ام ان «ماما أميركا» توزع بركاتها على الجميع ..



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «312»     التاريخ : 25/3/2003     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق