الجمعة، 29 أكتوبر 2010

تبضُّع

 


تتناقل الصُحف الرصينة ، وصُحف الإثارة الأخبار الساخنة .. التي تتردد أصدائها .. سراً وعلانية .. عن الصفقات المُثيرة للجدل .. التي يعقدها نادي الوحدات بين الحين والآخر.
والمتتبع لتلك الأخبار يعتقد أن نادي الوحدات قد عثر على كنز ثمين من كنوز الدولة العثمانية «المدفونة» بعناية على جنبات سكّة حديد الحجاز .. كيف لا والصفقات بمئات الألوف من الدولارات .. فمن أين لهؤلاء القوم تلك الأموال الطائلة ؟ .. هل رئيس النادي الموقر يدفع بسخاء ؟ .. أم أن آخرين قد إنضموا لذات المدرسة .. مدرسة الشراء والتبذير .. تلك المدرسة يقودها بإقتدار الرئيس المُلهم الذي استطاع بذكائه أن يُجبر خصومه في الإدارة على إتباع نهجه .. كي يتمكن من رفع يده بإشارته المشهورة «v» كي يقول للقاصي والداني أنظروا إليهم ؟! .. إنهم يلهثون ورائي ! .. ألم أقل لكم منذ زمنٍ بعيد أن العالم قد تغير ! .. وأنني على حقّ ! .. وكل شيء أصبح قيّد البيع والشراء.
أخونا الكابتن عزت حمزة .. دخل حلبة السباق بقوة .. وإرتدى زيّ «ميركل» عاشقة فريقه المُفضل .. لم ينسَ إرتداء حذائه الخفيف .. وراح يركض بكل قوّة .. بسرعة تفوق سرعة «بن جونسون» .. لعلّه يُفلح في اللحاق بالزعيم .. وصديقنا الآخر المهندس الذي خُلق للإعمار والتعمير .. تخلى عن مهنته الجميلة .. وراح هو الآخر .. بعد أن إرتدى زيّه الأزرق .. تيمُناً بفريقه المُفضل «إيتاليا» .. ينطلق بسرعة تفوق سرعة الجمايكي «بولت».
إفتُتح البازار .. الرئيس يتنحى جانباً .. يُحرك إصبعيه بطريقته المُفضلة .. يقول لقد إنتصرت .. الكلّ يتبعُني .. لا حاجة لستّة هنا .. أو خمسة هُناك .. فالأحد عشر كوكباً يهرولون معاً في مضمار السباق .. فالطبّة توحدهم .. آه .. ما أجملها من لحظة .. لقد تحقق الحُلّم لا شيء أهم من الطُبّة .. لقد هزمتُ أعدائي .. وبالضربة القاضية .. وإندثرت مدرسة «صُنع في الوحدات» .. لا داعي للتعب .. لا وقت لدي فأشغالي كثيرة .. والزحام يُلاحقُني .. ولا ضرورة لإزعاجي وأنا في طريقي الى جنوب أفريقيا لمشاهدة مباريات «الأربعة الكبار» .. ليتهم يتبعوني الى هُناك .. لنستمتع معاً .. لا شيء يُضاهي المُتعة .. صحيح أن فريقي المُفضل الأرجنتين خرج من السباق .. لكن ذلك لا يعني عدم رغبتي بتلك الممارسة  .. فالمتعة هي الأهم .. فإذا لم تتوفر البيضاء ؟! .. فالسوداء ربما تفي بالغرض .. ولعلّها تكون أكثر إثارة .. فالبضائع تملأ الأسواق .. فنحن في زمن العولمة .. هاتف واحد .. تأتيك الجواري والحسان من كل صوب .. التلويح ببضعة دولارات .. فتنهار القيم ؟!
الوحدات لم يعد كما كان مصنعاً للنجوم والكفاءات .. رياضيين .. كُتاب .. مفكرين .. دُفع نحو الهاوية بفضل هؤلاء القوم .. نادي اليرموك .. أصبح الآن صانع النجوم .. رياضيين .. وغيرهم .. من كل الفئات .. شفيع .. أبو طعيمة .. البرغوثي .. وآخرين .. كل هؤلاء «صنع في نادي اليرموك» .. لقد مات الوحدات .. لم يعد هو المعجزة .. لقد أصبح قوة شرائية فحسب.
حالة التبضُع .. هذه .. التي نعيشها الآن .. تُعيدني الى عُصورٍ خلت .. «عصر الجاهلية» .. في تلك الحُقبة من الزمن .. كان الأعراب يعيشون قبائل شتى مُتناثرة على أطراف الصحراء .. منهم من يسكُن مكّة .. وآخرون يستوطنون الأطراف .. بحُكم منزلتهم الإجتماعية المُتدنية .. فهم من العامّة المُهمّشون .. لا قيمة إجتماعية لهم .. عكس الأشراف ؟! .. المتباهين بكرمهم وسخائهم وشجاعتهم وإقدامهم .. فالمُهمّشون يعانون المرارة من معاملة أسيادهم الدونية .. وكي يتخلّصوا من واقعهم «المُذّل» ما عليهم إلا أن يرتقوا السلّم الإجتماعي .. ذلك بتحسين نسلهم .. أما كيف .. فبالتبضُّع .. راحت تلك القبائل الدونية تطلب وتُلح من نسائهم الذهاب الى الأسواق .. للتبضُّع بغلامٍ من نسلٍ عريق ومعروف .. من علّية القوم .. لعلّ في ذلك ما يحسن نسلهم ويُقدّمهم على درجات السُلّم الإجتماعي .. (والتبضُّع .. أن تذهب إمرأة ما .. لرجل ما .. من أصول معروفة .. فتمنحهُ جسدها في فراش المُتعة .. بغيّة إنجاب ذلك الطفل ؟!).
] فهل أصبح نادي الوحدات .. هدفاً للتبضُّع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «680»     التاريخ : 6/7/2010     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق