الصراع إشتد واحتدم .. كلٌ يريد مكاناً له تحت القبة .. بصرف النظر عن وعيه وإمكاناته وقدراته على ملئ المكان الذي سوف يشغله .. وإن كان يستطيع أن يعبر عن أوجاع الناس وأمانيهم وآمالهم .. وهل هو بقادرٍ على الإلمام بمهام الوظيفة التي يريد أن يتصدى لها .. كل هذا لا يهم .. ؟! فقط يريد النيابة ؟! لأن فلان وعلان (مش أحسن منه) وبغض النظر عن الوسائل المستخدمة من مال ورشاوٍ وما بينهما ؟! واستعدادٍ كامل للتواطؤ مع الحكومة كلما إقتضت الضرورة ذلك.
جميع المرشحين يعرفون دهاليز اللعبة .. ويعرفون المركز ؟! الغالبية منهم .. إن لم يكن الجميع .. ذهبوا هناك وتسلموا أوراق إعتمادهم .. وتُليت عليهم شروط اللعبة .. وضرورة الإلتزام الكامل بها .. كلما كان ذلك ضرورياً ومطلوباً .. حُددت لهم الخطوط الحمراء .. والخضراء .. والصفراء .. كي لا يُخفقوا ويرسبوا في الإمتحان ، فالإمتحانات كثيرة والمشوار طويل والمطلوب تقديم الطاعة العمياء كلما رن الهاتف ؟! .. كل هذا يتم في وضح النهار وبعضهم يذهب في الليل خشية من بعض حياء ؟! .. الكل يعرف ذلك .. إلا بعض المأفونين من الجماهير العظيمة والنبيلة ، التي تُبح حناجرها وهي تهتف لفريقها المفضل .. ويشتد غضبها وغيظها .. إن لم يتمكن فريقها من حسم مواجهاته مع الخصوم .. وإذا ما تكرر ذلك من إخفاق .. تنتابها حالة من «الهستيريا» .. وتقوم بكل ما هو ممكن من أعمال عابثة.
خلال متابعاتي وزياراتي الليلية المتعددة الى خيام المتعة لكي أتزود بكل ما هو لذيذ وطيّب ، من ماء نظيف وحلوى فاخرة ، إسترعى إنتباهي وتوقفت أمام ظاهرة أن أغلب الموجودين في هذه الخيمة الليلة قد كانوا هناك البارحة يتناولون الحلوى بأصنافها شامية كانت .. أم نابلسية ؟! .. وتزدحم الخيام كلما تناهى الى أسماعهم أن المناسف الفاخرة والساخنة في طريقها الى المقرّ .. وخاصة أيام «الجُمَع» وبعد الصلاة مباشرة لتحل البركة على المرشحين والناخبين على حدٍ سواء .. قال تعالى : }وذَروا البيع ..|.
إستوقفني ما يجري في فرنسا الآن .. الشعب بكامله هبَّ وإنتفض .. في الجامعات والثانويات .. في الشوارع والساحات .. عمال المصانع والمواني والمصافي والمزارع .. موظفون من كل الفئات .. خرجوا الى الشوارع في مظاهرات عارمة .. عاصفة .. غاضبة .. عنيفة .. تطالب بوقف إجراءات «ساركوزي» الرئيس المنتخب حديثاً .. لأنها تمُس جوهر حياتهم.
لم يقبل الفرنسيون التفريط بأبسط حقوقهم وتمردوا .. إحتجوا .. لماذا ؟ فقط لأن فخامة ساركوزي يُريد رفع سن التقاعد قليلاً .. قامت الدنيا ولم تقعد ؟! .. «ماذا يريد الساركوزي هذا ؟» .. جملة نطقت بها طالبة لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها ..
ما يجري في فرنسا الآن ليس إستثناءاً .. بل حدثاً متوقعاً حدوثه في كل لحظة .. كلما فكّر أحد مهما كان وضعه ومنصبه المساس بالمزاج الفرنسي العام .. فهذه فرنسا .. بلد الحرية .. والحب .. والجمال ..
ديغول محرر فرنسا وعظيمها .. طالب ببعض التعديلات والنصوص القانونية .. تمنح الرئيس الفرنسي أياً كان مزيداً من الصلاحيات والقوّة .. خرج الشعب عن بكرة أبيه .. غاضباً .. محتجاً .. متمرداً .. أغلق الشوارع والطرقات .. عطّل الحياة الى أن إستقال الزعيم «مُجبراً».
في بلاد العرب والعروبة يعم الخراب .. تنتشر المحسوبية والفساد «عينك .. عينك» .. لا أحد قادر .. أو يرغب في أن «يتنحنح» ؟! ..
أجهزة الإعلام الرسمية وغيرها أصابتنا بالصمّ والغثيان وهي تتحدث ليلاً نهاراً .. نفاقاً وهي تصف ما يجري في البلاد من عُرس ديمقراطي نباهي به الدُنيا (على مين بتضحكوا ؟!) مجلس النواب كاملاً شاملاً ..لا يملكون صلاحيات إقالة مسؤولٍ ما «مدعوم» .. شاءوا .. أم أبوا ؟!
للمرشحين الفائزين .. لا تفرحوا كثيراً.
للمرشحين الخاسرين لا تحزنوا كثيراً .. نحن نعرف شروط اللعبة .. فإخوان الصّفا .. يمنحونكم بركاتهم اليوم ويحجبونها عنكم غداً .. الأمر ليس سرمدياً بل متغيراً ومتحركاً كرمال الصحراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «695» التاريخ : 26/10/2010 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق