الخميس، 21 أكتوبر 2010

الطيب .. والذباب



كعادته في المناسبات والأحداث الهامة ، يأتيني الرجل حاملاً معه ما يُدخل الأمل الى نفسي في الأوقات العصيبة العصيّة.
قبل إنطلاق صافرة البداية لمباريات كأس العالم ، دخل عليّ الرجل وأنا شبه نائم أُقلب شاشة التلفاز من محطّة الى أخرى ، باحثاً عن شئ مثير يستنفر حالة السكون والوداعة التي لازمتني في الآونة الأخيرة .. ما أن شاهدته حتى داهمني الفرح ، فمثله لا تملك إلّا أن تسعدَ للقائه مهما كانت درجة خلافك معه إن وجدت ، فهو دمث .. لطيف .. و«حنيّن» .. وطيب .. وإبن ناس ، أهداني قميص المنتخب الأرجنتيني مُزيّناً بصورة لـ «تشي جيڤار» وثلاثة «بوستارات» واحد للسيارة .. وإثنان ألصق أحدُهما بيديه على باب «صالوني السياسي» في الجندويل ، حيث أستقبل به ضيوفي المهتميّن بالشأن السياسي والرياضي والإجتماعي .. حاولتُ أن أُبقيه عندي لكنه كان مُتعباً .. وقال سوف أذهب لأشرب القليل من العصير .. ثم أنام.
تناول بيده العدد الأخير من جريدة «الوحدات الرياضي» الموجودة عندي على الدوام .. غادر كالطفل البريء لا يدري ماذا يحملُ بين يديه .. رحتُ أضربُ أخماساً بأسداس .. ألقيتُ الهاتف جانباً وأخذتُ أحتسي الشاي ، وبعد أكثر من ساعة تناولتُ الهاتف فوجدتُ «مسج» مُرسلاً منه  .. كانت كلماته عاتبة مقبولة تتمسّك بشروط الحكمة .. فالرجل لم يفقد حكمته معي يوماً ، بل ظلّ دائماً لطيفاً وديعاً مسالماً ، يتقبل مني ما هو مقبول أو غير مقبول ، تركتُ وجهي يعبثُ بين يديْ في حركة متوترة .. لعنتُ الظُروف التي جعلتني أتطاول على مثّل هؤلاء الناس الطيّبين .. أرسلتُ له أربع رسائل عبر الهاتف كلها تُطيّب خاطره .. ردّ في«مسج» واحد .. لا داعي للإعتذار فأنا أغفر لمن أُحب .. ومن أعتبره قُدْوة.
لم أرهُ أو أُحدثه طوال خمسة أيام .. في اليوم السادس إلتقيته ، إبتسم .. قبّلتُه .. إبتسم من جديد .. رحتُ أكتبُ مقالي هذا.
الى الذي لم يفقد حكمته .. ولم يفقد رباطة جأشه .. أنا أُحبُّك .. وأحترمك .. وهذا لا يمنع من إختلافي معك في كثير من «السياسات» التي تنتهجها .. أنت بحق الرئيس الأكثر جدلاً طوال مسيرة النادي .. وإنك الرئيس الأكثر شعبية كذلك .. لا أدري سرّ تعلُّق الناس بك .. رُبما بسبب الجاذبية .. أو بسبب «العقيدة» .. فأنت في وسطٍ تنفرد عن الآخرين .. كرجل أبيض يعيش في مدينة قاطنيها من السود .. فيُشار إليه بالرجل الأبيض .. مهما إختلفت الآراء فقد تركت بصمة واضحة على مشاعر الجماهير.
الذين غضبوا منّي .. وإنهالوا علي بالنقد والتطاول والسباب .. عبر الشبكة العنكبوتية .. فلا أدري لماذا .. رُبما لم يُحسن هؤلاء قراءة ما كتبت .. ورُبما للبعض منهم موقفاً مُسبقاً مني .. فمهما أفعل .. صواباً أم خطأً .. يُصرّون على الإنتقاد من موقعهم ذاته.
أنا لا أتهم ولم أتهجّم على أحد .. فقط عبّرتُ عن رؤيتي تجاه البعض من الناس الذين يبحثون دوماً عن «الطُبّة» .. أم بقية الجمهور فلم أتعرض إليه لا من قريب ولا من بعيد.
يُصرّ هؤلاء على أن نادي الوحدات رياضي فقط .. ويُطالبوني بعبارات مختلفة مثل «إرحل .. حلّ عنا .. إذهب الى الجزيرة المفقودة» .. إلى أخره من مفردات.
نادي الوحدات كان وما يزال وسيبقى مُتعدد الأدوار والأغراض والنشاطات .. وأهم أدواره «الوطني» في حياة مُحيطه وشعبه وأُمته .. وما فريق كرة القدم إلا الواجهة التي تجذبُ الأنظار إليه ، كبائع كشك الصُحف يعرض في الواجهة صحف الإثارة .. أما الصحف والمجلات والكتب القيّمة والمُفيدة فتكون عادة في الداخل .. تتطاير الفراشات والبلابل والعصافير ، تُحلق وتملأ الأفق .. وعلى علو منخفض تحوم أسراب من الذباب والناموس.
البلابل والعصافير تملأ الدُنيا جمالاً وفرحاً وسروراً.
الذباب والناموس يلتصق بشبكة «العنكبوت».
على المرء أن يختار أهو من فئة البلابل والعصافير .. أما «....».
] يوسف شاهين مخرج سينمائي متميز .. قدّم أفلاماً جادّة وذات قيمة عالية .. هل تعرفون لماذا لم تفهم الغالبية العُظمى من العامّة مضامين أفلامه ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «677»     التاريخ : 15/6/2010     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق