تابعت كغيري من خلق الله .. الأجواء المحمومة التي تعيشها منطقتنا العربية منذ أكثر من أربعة أشهر .. أجواء .. محمومة .. موتورة .. أثارها بوش الإبن الذي لم يدخر وسعاً في التحريض .. والتعبئة .. صباح .. مساء ..
تأجيج حمى الحرب أصبحت مهمة يومية .. لها الأولوية في برنامج الرئيس الأميركي .. عنوان الخطابات .. والتصريحات .. «على صدام ان ينزع سلاحه .. وإلا نزعناه بالقوة» .. «العراق يشكل تهديداً على أمريكا» .. «العراق على علاقة بالإرهاب» .. «صدام حسين دكتاتور يقمع شعبه .. وينبغي الإطاحة به لإشاعة الديمقراطية في العراق وتعميمها على المنطقة» .. لاحظوا !! .. نظام بغداد فقط دموي ودكتاتوري .. والبقية محترمين .. وديمقراطيين .. وكأن الولايات المتحدة لها تاريخ حافل بالتسامح .. والعدالة .. ولا تقيم العلاقات إلا مع النظم الديمقراطية .. كالسويد .. مثلاً ..
حقيقة الأمر .. ان كل هذه الذرائع والإدعاءات .. تتهاوى وتنهار امام واقع وطبيعة علاقات الولايات المتحدة .. ليس اليوم وحسب .. وإنما منذ امد بعيد .. فالإدارات الأمريكية المتعاقبة .. ظلت تقيم الصلات تلو الصلات مع أنظمة دموية عديدة .. لا تقمع شعبها وحسب .. وإنما تمارس بحقه المذابح الجماعية .. ولعل خير مثال على ذلك .. نظام «بينوشيه» في تشيلي .. والذي جاء على أنقاض نضام ديمقراطي منتخب بزعامة (سلفادور الليندي) .. ولعل العالم بأسره قد أدان هذا النظام الدموي .. (نظام بينوشيه) .. بإستثناء الولايات المتحدة .. التي ظلت تقيم معه أوثق العلاقات في السر والعلن .. ومنحه دعماً سياسياً .. وعسكرياً غير مسبوق .. ولا نظن اننا بحاجة إلى ذكر المزيد من الأمثلة التي تؤشر بمجملها .. على الدور الذي تضطلع به الإدارات الأمريكية في دعم .. ومساندة طغاة العالم .. وفاسديه ..
قد يبدو كل هذا مفهوما بالنسبة لنا .. فأمريكا تريد الهيمنة والسيطرة على المنطقة .. من خلال وضع يدها على مواردها الطبيعية .. وفي مقدمتها النفط .. كذلك تريد ان تتحكم في العالم بأسره .. من خلال سيطرتها على المنطقة ..
لكن الغريب في الأمر واللافت في آن معاً .. سلوك عدد كبير من أقطاب المعارضة العراقية .. الذين وبلا حياء .. ولا خجل .. راحوا يطبلون ويزمرون للتوجه الأمريكي .. بل ويعلنون صراحة .. عن رغبتهم في الإلتحاق بقواتها التي تقتل البشر .. والشجر في العراق ..
ومن هنا راحوا ينظمون مؤتمراتهم في لندن .. وفي شمال العراق .. بغية الإعداد والتمهيد للغزو الأمريكي المرتقب .. ويطالبون الدول العربية والإقليمية المجاورة للعراق .. بالتعاون مع أمريكا لإسقاط نظام صدام حسين ..
من يخذل شعبه ويتآمر على وطنه وأمته مهما كانت الأسباب .. جاسوس .. من يتهاون بحق أهله وجماعته ورفاقه مهما كانت الظروف .. جاسوس .. جواسيس هنا .. جواسيس هناك .. جواسيس في كل مكان ..
سؤال بالغ الأهمية .. هل هؤلاء هم من أبناء العراق ؟ .. هل ينتمون إلى هذه الأمة ؟! .. هل ينتمون إلى معايير الوطنية .. والشرف .. والنزاهة ..
هم ليسوا كذلك ؟ .. إنهم حفنة من الجواسيس ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «309» التاريخ : 4/3/2003 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق