الخميس، 28 أكتوبر 2010

اللص والكلاب

 


اللص  والكلاب .. رواية كتبها نجيب محفوظ .. الروائي العربي الكبير .. في مطلع الستينات.
وقد اثارت آنذاك .. جدلاً واسعا ..  مرده مضمونها السياسي .. والاجتماعي .. وربما الاخلاقي.. تتحدث الرواية .. بشكل محوري .. عن اهمية الجماعة .. وتعاظم دورها .. وضحالة امكانيات الفرد .. مهما عظمت .. وتقوم الرواية .. على عناصر .. تلخص قصة «سعيد مهران» مواطن عادي .. بسيط .. طيب .. منتمي .. يتعرف اثناء عمله .. على «رؤوف علوان» نموذج لشخص انتهازي .. طموح .. لا تحكمه ضوابط اخلاقية .. المهم لديه .. تحقيق أهدافه.. بعيداً عن الوسائل المتبعة في ذلك...
عروة بن الورد- امير عربي معروف .. عاش في العصر الجاهلية .. فارس لا يشق له غبار .. محنته الكبرى .. انه لم يكن منسجماً مع سادة القبيلة .. بسبب معرفته العميقة بهؤلاء ..  وانحطاط حالتهم الوجداتية .. هؤلاء المهم بالنسبة لهم .. كيف يعيشون؟ .. كيف يتمتعون؟ .. كيف يكسبون الغنائم؟! .. الامر الذي اثار حفيظة «عروة» .. فانحاز الى عامة الناس.. وادار الظهر لعلية القوم.. ظناً منه ان هؤلاء اكثر طهراً .. واكثر شرفا من سادتهم .. ولكن اتضح له فيما بعد .. انه لم يكن مصيبا .. وان الانسان .. بلا وعي .. وبلا هدف .. يغدو مجرد وحش .. معدماً كان؟! .. ام سيداً؟!...
ولعل هذا .. ما دفع عروة .. الى الوصول الى طريق مسدود .. لان المعدمين والفقراء .. الذين انحاز اليهم .. تحولوا الى سادة جدد .. وربما اكثر وحشية .. من سادتهم السابقين..
ما اراده نجيب محفوظ .. في اللص والكلاب .. وما وصل اليه عروة بن الورد .. في تجربته مع الناس .. تؤكدان على ضرورة .. ان يتخلص اللصوص .. من حالتهم .. عندما تنتهي مبررات تلك الحالة .. ومن ثم الانتقال .. الى حالة وجدانية .. تلخص دور الانسان «المصلح» .. الذي اجبرته الظروف .. ان يكون لصا ذات يوم .. والا فإن اللصوص .. سيتحولون الى سادة .. ليحل محلهم لصوص جدد .. وهكذا دواليك.
اما الكلاب .. بخياناتهم .. وافتراءاتهم .. وانانيتهم .. ونهمهم .. وظلمهم .. هم الذين دفعوا لص نجيب محفوظ .. وعروة بن الورد .. على حالة التمرد والعصيان...
لقد خسر لص نجيب محفوظ معركته .. وكذلك عروة بن الورد .. ولكن .. ما زال عروة بن الورد حتى يومنا هذا فارسا .. صعلوكاً .. نقياً .. نبيلاً .. كلّص نجيب محفوظ.. اما الكلاب .. فلا ذكر لهم .. في التاريخ .. ولا في الجغرافيا...



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «274»     التاريخ : 18/6/2002     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق