الجمعة، 29 أكتوبر 2010

تزييف الواقع ؟!







كغيري من عباد الله .. أشاهد هذه الأيام بطولة أوروبا لكرة القدم .. هذه البطولة التي تزخر بالنجوم الكبار الموهوبين .. تُقدم جيلاً صاعداً .. يسعى بكل جهد إلى أخذ مكانه اللائق بين أقرانه من النجوم .. منتخبات قوية وعريقة .. تتصارع كي تحافظ على الصدارة .. لتنال شرف البطولة لبلادها .. هذه المنتخبات تقدم لنا في كل يوم دروساً جديدة.. وعبراً ذات مغزىً كبيراً..
اللافت في هذه البطولة .. منهجية وسلوك الحكام .. فتجد الواحد منهم يخضع سلفاً لتأثير الكبار .. أمثال فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا .. هذه المنتخبات التي حققت سابقاً وبجدارة كأس العالم .. وحقق أغلبها كذلك بطولات الأمم الأوروبية .. أكثر من مرة.
نحن في معرض قراءتنا لما يجري على أرض الواقع .. ليس في وسعنا تعميم وخلط الأوراق .. حيث نكيل الإتهام لكل الحكام بالوقوع في هذا الشرك .. فهناك العديد من الحكام وهم الأغلبية لا تفرق بين كبير كان أم صغير .. فالميدان هو الفيصل .. والأجدر من يستحق الفوز .. فالشفافية والنزاهة هي الأصل في المنافسات الرياضية ..
بالصدفة كنت أتابع مباراة فريق ألمانيا العريق .. وفريق لاتفيا المغمور .. هذه المباراة إنتهت بدون أهداف .. وللحقيقة فإن الفريق الألماني أظهر عجزاً واضحاً وظل يلهث طوال المباراة .. لعله يفلت من هزيمة منّكرة .. وتحقق له ذلك بالفعل بمساعدة ظاهرة وواضحة ملأت الأسماع والأبصار .. من الحكم الإنجليزي الذي مارس إنحيازه بشكل لافت .. وتغاضى عن ثلاث ضربات جزاء واضحة .. كانت كافية لصعق الفريق الألماني وإعادته إلى بلاده على الفور ..
هذا «الحكم» .. لازال يعاني من عقدة التمييز بين الأمم .. فألمانيا كإنجلترا وفرنسا أممٌ كبيرة.. مهيمنة على أوروبا .. تاريخياً وثقافياً ورياضياً .. والحكم لا زال يعيش هذا الهاجس .. ولا يتقبل أن أمماً قد تشكلت حديثاً ومنذ عقد من الزمن .. تقف على قدر المساواة مع تلك الأمم المهيمنة ..
ما يحدث في عالم «الفطبول» .. لا يختلف كثيراً عما يدور في الحياة .. فنحن نعيش في ملعب كبير .. نتقاذف الكرة .. نتقاذف الإتهامات جزافاً .. نزور الواقع والوقائع .. كل حسب جهده .. والدعم المقدم له .. من علْية القوم .. النافذين .. الجماهير .. البسطاء .. العامة .. المثقفين .. الجهله .. الجميع يبذل قصارى جهده .. ليحجز له مكاناً لائقاً في الصفوف .. لا أن يجتر الماضي .. في محاولة يائسة للتعويض عن فقدان الواقع ..
عالم اليوم زاخر بالعراك .. والخيارات .. ولكل ملعبه وخياره .. تبعاً لمصالحه وإهتماماته .. وعلى الناس أن يدفعوا ثمن خياراتهم ..


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «375»     التاريخ : 22/6/2004     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق