الخميس، 28 أكتوبر 2010

دون كيشوت

 


غادر المكان .. يعضّ بنواجذه على سيجارته .. يدخن بنهم وشراهة .. يرتدي ثياباً أنيقة .. فقد سئم الملابس العسكرية !!.. التي إعتاد عليها .. وكذلك حياة الجبال .. التي طالما جعل منها مقراً لإغاراته التي لا يشق لها غبار .. انه مقاتل اممي بارع .. قاتل الطغيان على امتداد البسيطة .. لاحقته (CIA) في كل مكان .. ولكنها لم تفلح في الإيقاع به .. او النيل منه .. فذاع صيته .. وعلا شأنه . ورُهب جانبه .. دمث الخلق .. بهي الطلعة .. مكتنز الجسم .. مفتول العضلات .. قوي الشكيمة ..
صعد إلى سيارته الأنيقة .. انطلق على عجل .. راحت دواليب سيارته تنهب الأرض نهباً .. توارى عن الأنظار .. حطت السيارة رحالها امام مكان إعتاد التردد عليه .. ترجل من سيارته .. سار نحو «المصعد» بخطوات واثقة .. شامخة .. ضغط على «زر» المصعد إلي الدور الأخير في ذلك المجمع المتعدد الأدوار!! ..
على المدخل .. أُستقبل بترحاب .. سار بإتجاه مقعده المعتاد .. أقبلن نحوه الساقيات .. انيقات .. يتمايلن بشبق بتنانيرهن القصيرة .. دون مقدمات دس يده بين ساقي إحداهن .. وضغط .. تأوهت مستسلمة .. ملامح الرضى والسعادة تملأ وَجّهُ .. طلب شرابه المعتاد .. «الوسكي» .. إستدارت الساقيات بسرعة لتلبية طلباته ..
إمتلأت الطاولة عن بكرة أبيها .. ترمس .. فستق .. بذور مختلفة .. جزر مقطع بعناية .. ثلج .. ويسكي .. شرائح من التفاح المعد سلفاً .. كاشو .. انه يحب الكاشو ..
واحدة من الساقيات أعدت له كأساً على الفور .. أشعل سيجارته وراح يدخن .. تناول كأسه وكرعه في جوفه دفعة واحدة .. انه ينشد النشوة بسرعة .. اتبعها بكأس ثانية .. بينما راحت الساقية ترمقه بنظرة تقطر شهوة ..
لم يتوقف .. كأس ثالثة ورابعة وخامسة .. إمتلأ زهواً وفخراً وراح يحلم: في بيروت كان على بعد خطوات يوجه الإنتحاري الذي هاجم المارينز .. قبل ان يغادر المكان بثقة وهدوء .. بعد ان إطمأن إلى نجاح مهمته ..
بعد ان إرتشف شيئاً من كأسه تابع حلمه: كيف كان يتابع عن كثب ومن مكان قريب جداً .. ذلك الإنتحاري الذي كلفه بنسف القيادة العسكرية الإسرائيلية في صور ..
مزيداً من «الويسكي» .. مزيداً من الأحلام .. هناك في بطاح باكستان كان قلقاً وهو يتابع الثوار الكشميريين في حربهم لتحرير بلادهم  ..
بدون مقدمات .. إستل هاتفه النقال .. طلب رقماً .. وأخذ يزمجر مع محدثه .. وكيف ان محدثه كان عاجزاً عن ترجمة بطولاته الى القنوات الفضائية وكبريات الصحف .. فجأة سقط مغشياً عليه .. من الغضب .. وربما من التعب .. ساعده النادل وآخرون .. حملوه إلى سيارته .. اوصلوه إلى منزله .. وراح يغط في نوم عميق .. نهض متأخراً .. صاح بأعلى صوته: اللعنة .. اللعنة .. لقد تأخرت عن العمل !!..





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «329»     التاريخ : 22/7/2003     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق