تنمّر وأظهر غيظاً كبيراً بسبب إيقافه عن العمل .. ظناً منه بأن ذلك قد ألحق به حيفاً وظلماً شديدين .. لم يستطع ان يتواضع في إدارته للأزمة .. وأبدى ميلاً عالياً نحو الغطرسة وكأن الأمر لا يعنيه .. بل زاد طينته بلة حينما راح يتشدق بكلمات غير مسؤولة عن هذا الشخص او ذاك وأزاد جنوحاً نحو التمرد والعصيان دافعه الرغبة لإفتعال مشكلة «ما» ..
لم يتماسك طويلاً إذ سرعان ما أخذ ينوء تحت ضغط الرغبة في الهروب والتملص من تداعيات الموقف والمشكلة التي وضع نفسه في أتونها .. ثم راح يتنصل من سلوكياته السابقة تدريجياً الواحدة تلو الأخرى بذريعة انه فعل ما فعل جراء الصدمة والإنفعال الذي إنتابه في لحظة هوس معينة ..
هاتفني قائلاً: لم يبق سوى بضعة أيام لإنتهاء المهلة المحددة .. وعليك الحضور قبل إنتهائها وإلا فإنك لن تستطيع ان تفعل شيئاً حيال ما ترغب .. فالوقت قد أشرف على النفاذ ولم يعد من متسع للتلكؤ ..
إتصلت بصديق وقلت له: هل انت جاهز للسفر فأجاب نعم فأنا دائم الجاهزية للسفر برفقتك ..
سألته: هل سيارتك جاهزة، قال بحماس: نعم إنها رهن الإشارة .. طلبت منه الحضور للسفر على الفور .. حزمنا أمتعتنا على عجل وسافرنا تحت جنح الظلام ..
في الطريق إلى هناك أهلكني الرجل وهو ينفث سجائره المحترقة دون إنقطاع .. فصاحبنا يعشق التدخين ويهواه .. ولعله من دواعي السخرية انني نصحته بدل ان يدخن سيجارة تلو أخرى ان يصنع منصّة للتدخين تشتمل على عشرات السجائر و«يمج» منها كما يحلو له.
لم يكتف بذلك .. توقف وإقتحم المكان كالسهم وعيناه صوب زاوية بعينها تحتوي عدداً هائلاً من القوارير متعددة الجنسيات والأصناف والألوان والانواع..
إستل عملة من جيبه ودفعها بسخاء إلى البائع الذي راح يضع القوارير والسجائر في أكياس أنيقة معدة لهذه الغاية ..
إبتسمت .. نظرت إليه .. قلت بإندهاش: كل هذا ..؟!
فأشاح بوجهه ثم قهقه عالياً .. كل هذا لا يلبي حاجتي فأنا أشعر بظمئ شديد ولست أشعر بضيق في التنفس .. انا بحاجة لكرعها والتلذذ بطيباتها لا لشمها او «التحسيس» عليها ..
مع بزوغ الفجر بلغنا المراد .. وبشق الأنفس عثرنا على مكان شاغر ..
لحظات شرع صاحبنا ينفث غبار دخانه بشراهة .. كدت أختنق .. إنها ليلة ليلاء عصيبة بالفعل ..
إسترحنا برهة من الوقت .. ثم عاودنا السباق مع الزمن .. لم أجد محدثي هناك .. بحثت عنه في كل الأنحاء لم أعثر عليه إذ ربما كان يبيت في زاوية «ما» .. ما قاله على الهاتف لم يكن دقيقاً مما يؤكد انه هو الآخر ينفث دخانه ويكرع قواريره وبخبث ..!!.
تجولنا في أماكن عدة ضمن أهدافنا .. أسوار الياسمين الجميلة تعترض طريقي حيناً .. دخان السجائر يلاحقني أينما ذهبت ..
عدت مريضاً أعاني الأمرين من متعة الآخرين ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «337» التاريخ : 16/9/2003 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق