الجمعة، 29 أكتوبر 2010

الديكة



ثمة رغبة تلازمني منذ أمد بعيد .. فأنا مفتون باقتناء الحيوانات الأليفة منها .. كذلك الطيور بانواعها .. فالمكان يعج بالحمام والدجاج .. ناهيك عن البط .. والأوز .. ولا نَنسى «الديوك» الرومية المفضلة لدى الغرب .. خاصة في أعيادهم الدينية «عيد الشكر» الذي يحتفل به الأمريكيون باهتمام كبير.
ما لفت نظري وأثار دهشتي وإستغرابي .. العلاقة المتوترة بين ديكين .. أحدهما بمظهر باكستاني بلونه الأسمر المزركش وطوله اللافت .. أما الأخر فمن فصيلة الديكة «البلدية» مكتنز يزهو بلونه الأحمر الموشح بالسواد .. يتمختر في مشيته كأنه قد حاز على كنوز الدنيا مجتمعة .. لمَ وهو محاط بالعديد من الدجاجات يتنقل بين الواحدة والأخرى وكأنه «كازانوفا» ، كلما أراد إحداهن تُهرول نحوه بمجرد إيماءة من عرفه الأحمر الجذاب كأنه تاج الملوك .. لم يتوقف الأمر عند الدجاج .. فنراه ينفرد أحياناً وكلما يحلو له .. ببطة جميلة مكتنزة .. ممشوقة القوام .. لا فرق أكانت بيضاء .. أم سمراء في إحدى زوايا المكان يغازلها .. يلاعبها  ثم يوقع بها .. مما أثار حفظية وغضب الديك الأخر الأسمر الناقم على ظروف حياته القاسية ، فهو يعاني منذ زمن بعيد ولا أحد يوليه الإهتمام المطلوب لفك عزّلته .. فالدجاج كالبشر يُحببنَ الذكر اللعوب .. القادر على الفعل .. لهذا غضب وحقد على الدجاج وعلى صاحب الدجاج ، كونه منحاز لديكه الأحمر الموشح بالسواد وعُرفه الأحمر الطويل .. ومنقاره الحاد الذي يلتهم كل شيء.
الغيرة .. والمرارة .. والكراهية تُعكر صفوَ حياة الديك إياه .. فراح يصب جام غضبه على كل ما في المكان من أعلاف .. وأعشاب .. كذلك الدجاج والحمام .. وفي ذروة يأسه اشبتك مع ديك رومي قوي .. كأنه يودّ الإنتحار فلا طعم لحياته .. فصرعه .. وقهره .. وأذله فولى الأدبار ، مما عكّر حياته وصورته أمام الجموع من الطيور .. هذا الديك الرومي الذي يجلس بوقار شديد في زاويته فلا يتحداه ، ولا أحد يستحق الإهتمام فهو سيد المكان ..
إحتار الديك الأسمر .. ماذا عساه يفعل .. فهو لا يقوى على منازلة الديك الرومي القوي .. ويغار من فتنة الديك البلدي الأحمر المكتنز .. فجميع الدجاجات معجبةٌ به .. وتظل تلاحقه لمطارحته الغرام .. أما هو فلا دجاجة واحدة تهتم به .. أو تغار عليه ولو من باب الشفقة أو العطف .. فهو مضطرب يائس .. لا شيئ لديه ليقدمه للآخرين .. سوى السأم والشكوى من سوء حظه وطالعه.
قرر الديك بعد أن ضاقت به السُبل الفرار .. فراح ينتظر الفرصة تلو الأخرى الى أن لاحت له .. فأثناء عبور سيارة تحمل دجاجاً الى المكان المتواجد فيه .. قفز إليها وإختبأ .. لعله يهرب من واقعه المظلم .. انطلقت السيارة  على عجل في طريقها الى مكان آخر .. وإذ بهذا المكان .. مسلخاً للدجاج.
فوجئ الديك المضطرب بالمصيدة التي وقع فيها .. وراح يلعن الأيام والظروف التي أوصلتهُ الى ما هو عليه .. جلس  ينتظر في سأم.
الديك التائه .. ينتظر الذبح لمن يحبون مذاق لحم هذا النوع من الديوك.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «667»     التاريخ : 6/4/2010     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق