في زمن سيادة الثقافة .. بلادنا العربية تموج بالكتاب الكبار , نجيب محفوظ , عباس العقاد , نزار قباني وغيرهم الكثيرين ... وتفور أيضاً بالقادة والسياسيين الكبار, نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للآداب أصدر روايات عظيمة تعالج الشأن المصري والعربي .. تصدى بشكل خلاق لقضايا التنمية .. الحرية .. الديموقراطية .. حقوق الانسان .. الإقطاع .. الإشتراكية , في الجانب الآخر الاجهزة الاعلامية العربية تعج بأنصاف المثقفين والمنافقين الذين لا يتقنون إلاّ (فن النفاق) (مسح الجوخ) ... الحاكم .. لا شيء غير الحاكم فهو الأمل والرجاء.
الثقافة , التنمية , التصنيع , الإصلاح الزراعي ، الاشتراكية كل هذا لا يهم ... المهم الحاكم .. خدمة الحاكم .. تضليل الحاكم .. النفاق للحاكم .. بديهي ان يحدث التصادم بين الاتجاهين , فعندما كتب نجيب محفوظ رائعته الشهيرة (أولاد حارتنا) التي ساهمت فيما بعد بمنحه جائزة نوبل للآداب تلك الرواية , كانت ميدان الاشتباك .. منع نشرها باعتبارها تمس القيادة ... كل القيادة وتنال من قُدسيتها وجلالها.
نزار قباني الشاعر العظيم الذي كتب للعرب وعن العرب .. كتب لفلسطين أحلى الأشعار (اصبح عندي الان بندقية .. الى فلسطين خذوني معكم) عن الحق .. الحب .. العدل .. المساواة سطّر أجمل القصائد , لم ينجُ هو ايضا من (شلة الرزالة ذاتها) فبعد هزيمة حزيران كتب مأساته الذاتية .. كتب أحزانه القومية (هوامش على دفتر النكسة) صودرت ومنعت جميع دواوينه وأشعاره من دخول مصر وشمله المنع أيضاً .. وهو المولع بعبد الناصر وثورته وقوميته.
وصلت أخبار التعسف بحق هؤلاء الى عبد الناصر , فطلب رواية نجيب محفوظ على الفور .. قرأها في تلك الليلة .. في صباح اليوم التالي اصدر تعليماته بنشر الرواية بدون تلكؤ أو إعاقة .. بهت المنافقون وإستنكروا .. فقالوا : يا سيادة الرئيس انه يقصدك شخصياً .. كان رد عبد الناصر : اذا كنت انا عتريس ومجلس الثورة هو العصابة فلمحفوظ ان يكتب ما يشاء .. واصدر تعليماته بعدم التعرض لنزار قباني من قريب ولا من بعيد تركاً لنزار أن الحرية في ما يكتب , ولم يتوقف الامر عليهما , فعبد الرحمن الأبنودي أُطلق له العنان يُنشد دون رقيب دون مضايقة أو إضطهاد ..
نحن ابناء نادي الوحدات الفقراء الطيبين .. الذين واكبنا بناء الوحدات .. المخيم والنادي .. والأمل , من حقنا ان نقرع الاجراس كلما إقتضت الضرورة .. ونسلط الأضواء على الجوانب المعتمة في حياتنا لتصويبها , نحن ابناء الوحدات الفقراء .. كنجيب محفوظ .. ابناء الشعب .. أبناء المخيم نحن من صنعنا صرحنا بأيدينا عشنا الواقع بمرارته طوال نصف قرن .. لم نهبط على المخيم بالمظلة من حقنا ان نعبر بكل الوسائل كلما بان أو أطل برأسه إنحراف سياسي في مسيرة النادي الوطنية والكافحية.
نحن ابناء الوحدات الطيبين لم نتبوأ القيادة ولا الريادة بنفوذ القوى الخفية .. بل بجهدنا وكفاحنا ومتابعتنا , من حقنا ان نعبر عما نعتقد.
مشكلة نجيب محفوظ .. ونزار قباني أنهما عمالقة توهج قلمهما في زمن العملقة والعمالقة , أما مشكلتنا نحن اننا نعيش في زمن الصغار .. زمن(الهمبكة)...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «561» التاريخ : 26/2/2008 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق