الخميس، 21 أكتوبر 2010

الطُبّة .. والسياسة



حسمت أسبانيا بطولة كأس العالم التي استضافتها جنوب أفريقيا بفوزها على هولندا بلد الماء .. بلد الحليب .. و«البطَر» .. والشقراوات الحسان اللواتي ملأن ستاد «سوكر سيتي» في جوهانسبيرغ عاصمة الدولة المنظّمة .. فوز أسبانيا بالنسبة لي ولكثيرين من أمثالي أهون الشرور .. ذلك أنني لا أُطيق مُشاهدة ذلك الفريق «الهولندي» بزيّه البرتقالي المثير لأعصابي .. فهذا البلد بقضه وقضيضه : صحافة .. محطات تلفزة بقنواتها المتعددة .. مجالس بلدية .. مجلس نواب وشيوخ .. حكومات ناعمة .. كلها مُنحازة للكيان الصهيوني .. علماً أن عدد اليهود في ذلك البلد لا يتجاوز العشرين ألفاً ومع ذلك يُهيْمنون على مُقدرات «هولندا» وخاصة المفصلية منها .. وللعلم .. فإن عدد العرب والمسلمين المُقيمين في هولندا يتجاوز المليون ونصف المليون نسمة .. لا حول لهم ولا قوّة .. بفعل عوامل ذاتية وموضوعية .. فالرسوم .. تلك الرسوم الكاريكاتيرية المُسيئة للرسول الكريم .. مبعثها «هولندا» ناهيك عن السياسات الثابتة والدائمة المنحازة لليهود .. رغم الدعاية الكاذبة عن حياد وإنسانية هذا البلد .. فطوال المواجهة كان لاعب ريال مدريد السابق «روبن» يُثير الرُعب في أوصالي .. خشية أن يحسم المواجهة في لحظة .. رغم أن الأسبان ليسوا أحسن حالاً بكثير .. يكفيني من المرارة التصريحات الأخيرة التي أطلقها رئيس وزرائهم السابق «أفنار» .. حول ضرورة حماية إسرائيل من الهمجية العربية والإسلامية بعد حادثة أسطول الحرية الذي نظّمه الأتراك ونفر من أحرار العالم .. ولتبرير إنحيازه «للدولة العبرية» قال أفنار أن إسرائيل جزء لا يتجزأ من الثقافة والحضارة المسيحية المتناقضة مع الثقافة العربية والإسلامية المتخلّفة والمتوحشة .. ومع ذلك فإن الشارع الرياضي ممتلئ بمشجعي «هولندا» لكونها قدّمت للعالم «الكرة الشاملة».
أعتقد كما يعتقد الكثيرون .. أن كأس العالم في جنوب أفريقيا .. قد أبدعت وتفوقت في كلّ شيء على مُعظم بطولات «كأس العالم السابقة» فالملاعب أخاذة .. والجماهير السوداء والملوّنة يسكنها الفرح .. والإفتتاح من عبق التاريخ .. وشاكيرا .. والشاب خالد ..وآخرون أضفوا جمالاً غير مألوف على الحدث بكامله.
فمنذ أن قرّرت جنوب أفريقيا وزعيمها التاريخي نيلسون مانديلا .. تنظيم كأس العالم .. كان الهدف سياسياً .. فبذلت جنوب أفريقيا كل ما بوسعها من زخم رياضي وكفاحي وإنساني من أجل نيل هذا الشرف العظيم .. فوظفوا كل الأمكانيات الحضارية ، ومحبي العدالة ، رياضيين ، سياسيين ، فنانين ، خاصة السود منهم .. والباحثين عن الحرية والعدالة من البيض على قلّتهم .. فتلقف «بلاتر» زعيم «الفيفا» هذا الموضوع وقدم له كل الدعم المُتاح .. «نيلسون مانديلا» الطاعن في السن حرص على مشاهد حفل الختام .. ولسان حاله يقول «للعالم المُستعبد» توقفوا .. وأنظروا .. ها هي جنوب أفريقيا «الحرّة» التي أفنيتُ عمري في النضال من أجلها .. قد أصبحت لكل مواطنيها من مختلف الأجناس والأعراق .. بدون تفرقة أو تمييز .. ولا جدار فصل عنصري وتعسّف وقهر وقتل وإذلال كما هو الحال في الكيان الصهيوني المدعوم من هذا العالم المُستعبد.
كُرة القدم .. كما يحلو لي تسميتها «الطُبّة» تحظى باهتمام قلّ نظيره .. من فقراء وأسياد العالم على حدٍ سواء .. «فبائع البندورة» حاله كحال «بل كلينتون» في إهتمامه بتلك اللعبة الجميلة والمثيرة والأخاذة «كرة القدم» ففي ملعب «سوكر سيتي» الملكة صوفيا كانت هُناك .. وإبنها فيليب .. وزوجته التي راحت تتمايل على أنغام الهدف القاتل والمثير الذي أحرزه «الكتالوني أنيستا» .. لقد جاء الفرح للإسبان من «كتالونيا» بعد طول عناء وإنتظار.
في الدور الأول من بطولة كأس العالم .. إلتقيت بمعلمنا المجاهد «أحمد جبريل» .. أراد أن يوجه رسالة .. سألني من هو فريقك المفضل ؟ .. قلت : الأرجنتين .. سأل لماذا ؟ .. قلت : لأنهم يُحبون بلدهم .. راح يسألني بتمعن .. مَن سيفوز بكأس العالم ؟ .. قلت : البرازيل أو الأرجنتين .. قال : ستفوز أسبانيا .. سألته لماذا ؟ .. أجاب : لأن الإنسجام يجمعهم .. فسبعة لاعبين في المنتخب يلعبون بفريق واحد .. منسجمون .. ولا تكفي النجومية وحدها لتحقيق الإنتصارات .. أضفت مُعلقاً : لا يكفي الإنسجام وحده .. بل يجب أن يجمعهم الهدف .. والشرف أيضاً.
] كتب أحدهم في «مقاله الأسبوعي» أن نصف أعضاء المجلس مجانين !! .. هاج القوم وماجوا .. غضب الجميع .. طالبوه بالإعتذار الفوري وفي نفس المكان .. فكتب لهم إعتذاره على النحو التالي : «نصف أعضاء المجلس غير مجانين» .. قبلوا إعتذاره فرحين.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «681»     التاريخ : 13/8/2010     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق