إقتحام وتدمير معسكرات القوات الأمريكية (المارينز)وحليفتها الفرنسية في بيروت بناقلات مفخخة وقتل أكثر من (ثلاث ماية وخمسون) عسكرياً بضربة واحدة وإجبار القوات الدولية على الفرار من لبنان تحت جُنح الظلام .. تدمير السفارة الأمريكية في بيروت وتفجير القيادة العسكرية الإسرائيلية في صور ، أحداثٍ جِسام بشرت بولادة حالة ثورية غير مسبوقة ..
البداية العنيفة والموفقة كانت بمثابة إعلان ولادة حزب طليعي عظيم في لبنان .. شكّلت حالة مدّ وصعود في المنطقة .. حرب عصابات حقيقية في الجنوب بمواجهة أكبر قوة غاشمة (جيش الدفاع الإسرائيلي) مدعومة بلا حدود بامبراطورية العدوان (أمريكا) .. إسرائيل وجيشها الذي لا يقهر الذي إعتاد على الدوام هزيمة جيرانه العرب في أكثر من مواجهه وبخسائر لا تكاد تُذكر ، هذا الجيش إضطر الى الإنسحاب فراراً من جنوب لبنان بدون قيد ولا شرط ومن طرف واحد.
الحالة الثورية تجلت وعبّرت عن نفسها بأبهى الصور .. حزب طليعي قاد المواجهه بكل إقتدار وحقق النصر لأول مرة في تاريخ العرب الحديث .. توقف القتال وبدأت عملية البناء بمفهوم جديد .. ورشة عمل كبرى .. مدارس .. مستشفيات .. مراكز تعليمية وإجتماعية أُقيمت على عجل للتصدي للمهمة الجديدة ، مهمة بناء الأرض والإنسان .. لم يجعل النصر الكبير من حزب الله قوة طاغية ، متعالية ، متغطرسة في محيطها .. بل على العكس تعامل الحزب بشكل موضوعي رصين ومدروس مع الوسط الشعبي والإجتماعي الذي ساهم في الإنتصار .. حتى الخصوم واللامبالين جرى إحتواءهم والإندماج معهم بدون أي عمليات ثأر تُذكر .. تفاعل إنساني حقيقي مع القوى التي ساندت المواجهه وزجت بأبنائها في أتون المعركة طوال سنوات الحرب .. بناء المساكن .. إعادة المهجّرين .. بناء المدارس .. بناء المستشفيات .. ومراكز التأهيل أُقيمت وفق منظومة محددة تخدم توجّهات الحزب المستقبلية .. لم يمارس الحزب الفوقية والزعرنة والبلطجة وأخذ الأتاوات .. لم يسمح لعناصره ممارسة الإستعراضات الفارغة على طريقة أسلافهم .. الوعي .. الإنظباط .. السرية .. التدريب المتواصل .. التعبئة العقائدية .. كانت المنهج الأساس الذي إتبعه حزب الله في إدارته للصراع.
من شاهد الإجتماعات والمهرجانات التي نظّمها حزب الله في السنوات الأخيرة يقف مشدوهاً .. أمام روعة وعظمة ونُضج الحالة التي يقودها حزب الله ..
في ذكرى «عاشورا» المرتبطة دينياً وذهنياً بالمعاناة والتضحية عبر التاريخ ، نظّم الحزب حشداً هائلاً يعود بك الى الوراء .. الى الماضي القريب .. القريب البعيد فتتخيل لينين ورفاقه العمال والفلاحين .. وعبد الناصر وجماهيره الغفيرة من الفقراء يملأون الميادين والساحات لسماع خطاباته الملتهبة.
في لبنان .. «عاشورا» حالة حشد وتعبئة ثورية لا نظير لها .. «عاشورا» رفْض للّطم والبكاء والندم على الأطلال .. عاشورا تقدم بوعي نحو المستقبل .. نحو الثورة .. عاشورا في لبنان تمرد على المفاهيم السائدة.
لا نعرف لماذا تُصر الأنظمة العربية على تقزيم الحالة الثورية في إيران والتشكيك بنواياها ..
أفهم لماذا يستشهد أبناء محمود الزهار وحسن نصر الله وأحمد جبريل ..
وأفهم أيضاً لماذا يجوب أبناء القادة الآخرين الشوارع الخلفية في بلاد العم سام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «655» التاريخ : 22/1/2008 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق