الجمعة، 29 أكتوبر 2010

أسطول الحرية

 


ثمة فوارق كبيرة بين رئيس نادي الجليل «سعيد عجاوي» وآخرين من رؤوساء الأندية ، خاصة ما يُسمى بأندية المخيمات ، الذين أشبعونا ولا يزالون بوطنيتهم الزائفة وبتقاليعهم «الراجفة» .. بارتدائهم الكوفية السوداء المرقّطة وصُنعهم لإشّارة النصر «v» بأصابعهم فقط .. كلما يحلو لهم ذلك ، لا لشيء إلا لإنقاذ شعبيتهم المتآكلة إن وجدت ، والتي بُنيت في غفّلة من الزمن .. بالإدعاء والكذب وإفتعال خصومات مع الآخرين ، تحت عناوين شتى أقلها أنهم يُحبون فلسطين دون الآخرين.
رئيس نادي الجليل لاجيء من مخيم إربد .. يتحلّى بالبساطة والتواضع وبأنفة وشهامة الفقراء .. لا يملك من المال الكثير .. مهنته هي ذاتها مهنة أفلاطون .. لديه من المسؤوليات الكثير تجاه أسرته وناديه ، وفرقه الرياضية وفتيانه الأيتام الفقراء ، كذلك وسطه الإجتماعي .. كل ذلك لم يمنعهُ من الذهاب حيث عشقه الأبدي .. رغم المحاذير والعقبات والإستجوابات أصرّ على الذهاب الى هُناك ، عبر اليابسة وعبر البحر .. فوطنيته المستوطنة في أعماقه تُحركه دائماً في إتجاه البوصلة .. صوْب فلسطين.
يتهافت الكثيرون إداريون سابقون وحاليون .. رؤوساء أندية .. من الخاصة والعامة .. يتسابقون الى أمانة السرّ يدسون جوازات سفرهم أمام صاحب الأمر ؟! ينظر إليهم باستخفاف فيصرفون له إبتسامة مصطنعة .. وكلاماً غير مفهوم .. وبإيماءة يوحون إليه أنهم يودّون الذهاب الى فلسطين ؟! لأن هاجساً ليلياً قد داهمهم طالباً منهم ضرورة التوجه الى هناك .. للصلاة في المسجد الأقصى ؟!
أما غزّة المحاصرة .. فلا بواكي لها .. لا مقامر فيها ولا ساقيات .. لا شقراوات ولا فاتنات ولا «طنطات» .. لا مطاعم يصدمها الموج من كل الإتجاهات .. فاللغة هنا عربية صرّفة .. وهم يُحبون اللّكنة «العبرية».
رئيس نادي الجليل .. هذا الرجل الرزين لم أرهُ في يومٍ ما محتقناً إقليمياً .. لم يلعن ذاته يوماً كونه عربياً أو مسلماً .. ظلّ دائماً فخوراً بأصله وقناعته .. سافر مع قافلة شريان الحياة لكسر الحصار عن غزّة برفّقة النائب البريطاني جورج جالوي .. أُعيقوا .. وضعت في وجوههم العراقيل من كل صوْب .. خيّموا بالعقبة محاولين العبور الى غزّة عبر سيناء ولكن هيهات .. «رواد العمالة وأمنهم المركزي» كانوا لهم بالمرصاد .. عادوا الى تُركيا لحُضّن الرجل الشجاع أُوردوغان .. إمتطوا البحر .. ذهبوا الى العريش .. إشتبكوا هُناك مع قوات «الجندرما» .. أُصيب الرجل في رأسه إصابات بليغة .. وكسروا الحصار.
لم يتّعظ الرجل .. ظل الحنين يُراوده وتنامْت رغبته في مساعدة أهله وأبناء عشيرته .. إنها أمانة في عُنقه .. فما أن سمع بإنطلاق أُسطول الحرية بقيادة المناضل التركي المسلم «بولانت يلدرن» حتى هبّ الى هناك .. إمتطى البحر من جديد الى غزّة .. الى حيث الرجال .. الى النساء والأطفال المحاصرين .. إعترضتهم بوارج القتلة .. إشتبكوا دافعوا عن شرفهم وعن ما يحملون من مساعدات إنسانية وطبّية .. إستُشهد وجُرِح الكثيرون .. أُقتيدوا الى فلسطين .. الى أسدود .. قاوم كما يُقاوم الشُرفاء عَبَر الى بلاده فلسطين .. بدون «ڤيزا» أو تصريح من أحد .. بل كما يقول دخلَ الى فلسطين «خاوه».
] أُوردوغان .. جورج جالوي .. بولنت يلدرن .. كل المتضامنين عرباً .. أتراكاً .. أجانب .. مسلمين .. مسيحيين .. مُلحدين .. فقضيّة الحرية واحدة.
الى جمهور الوحدات الباحث دوماً عن «الطُبّة» .. هل تعرفون من هي راشيل كوري .. إنها فتاة أمريكية «مناصرة للحرية» أُزهقت روحها تحت جنازير جرافة صهيونية وهي تُحاول أن تتصدى لهدم منزل في قطاع غزّة .. راشيل كوري .. الشُهداء الأتراك .. أحرار العالم .. أنصار الحرية .. أهم بكثير من ميسي .. ورونالدو .. وعامر ذيب .. وعامر شفيع .. ومن الدوري .. ومن الكاس .. ومن كل البطولات .. فهل تفهمون ؟!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «676»     التاريخ : 8/6/2010     سامي السيد

أحلام صغيرة !!

 


مستلق .. أغط في نوم عميق في إحدى جنبات الغرفة .. أفترش «جنابية» متواضعة .. أفرد ساقي يسرة ويمنة .. رحت أغوص في أحلامي الجميلة .. الجماهير من المحيط إلى الخليج تجوب شوارع العواصم والمدن العربية في مظاهرات صاخبة .. ترفع أعلام الوحدة .. التي تحققت للتو .. الجموع تبدو فرحة «مصهللة» لإنجاز طال إنتظاره .. في أتون هذه الأحلام رحت أتجول في وطني الكبير من «طنجة» إلى «البصرة» .. إنجازات عظيمة حققها الإنسان العربي أراها بكل فخر وإعتزاز .. في طريقي كنت أستمتع برؤية الأشجار اليانعة والعملاقة المنتشرة على الجنبات وعلى مدى البصر زرعت بأيدي الإنسان العربي .. التي جعلت هذه الأمة تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع وتصدر فائضها الهائل إلى عوالم الدنيا ..
شاهدت وانا أتجول في أحلامي جيوشاً جرارة متحفزة تحمي الأمة وتحرس الوطن وتفرض حضورها في طليعة الأمم ..
شاهدت مصانع الغواصات التقليدية والنووية وهي تقذف إلى البحار قطعاً حربية تحمل قواتنا البحرية العملاقة التي تجوب المحيطات وترفع علم الأمة وتفرض حضورها وهيبتها ..
مصانع عملاقة .. معامل تفوق الخيال .. تدار بأحدث وسائل التكنولوجيا .. تنتج الطائرات المدنية والعسكرية الأسرع من الصوت .. أحواض السفن تدفع إلى البحار والمحيطات مئات الناقلات التجارية العملاقة التي تجوب البحار للسيطرة على التجارة العالمية ..مصانع السيارات تواصل العمل على مدار الساعة لإغراق الأسواق العالمية بسياراتنا الفاخرة التي لا تضاهى ..
ظللت أتجول في أحلامي . مندوبنا في الأمم المتحدة يلقي خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فيحظى بإهتمام ليس بعده إهتمام .. اما في مجلس الأمن فهيبتنا تسبق كلامنا فلا أحد ينازعنا الرأي أو يفتّ في عضدنا .. كلهم .. إصغاء .. وإنتباه .. وطأطأة .. فالمتحدث ممثل الدولة الأعظم على وجه البسيطة ..
مندوب «أمريكا» يطلب إجتماعاً سرياً في الكواليس .. يرجو مساندة بلاده في صراعها مع المكسيك .. مندوب الهند يتوسل إلينا بطلب إرسال مساعدات عاجلة بسبب الفيضانات والكوارث غير المسبوقة التي نالت من بلاده ..
سيل من الطائرات العملاقة تُقدم المساعدات للدول والشعوب المنكوبة والمغلوبة على أمرها .. الفقراء في كل مكان يحملون أعلام بلادي ..
غواصاتنا النووية تجوب المحيطات .. تبحث عن خصم فلا تجد له أثراً .. لعل الخصم في كوكب آخر ..
عبد العال عبد العال ينطلق بمكوكه الفضائي برفقة صديقته بهية للهبوط على سطح القمر ..
العديد من زعماء الدول ينتظرون موعداً لزيارة بلادنا للقاء الرئيس ..
في لحظة كالبرق سقطت من علٍ «تنكة» فأحدثت ضجيجاً أيقظني من أحلامي فرحت أتجول هنا وهناك لأجد .. الحال على حاله .. والبؤس على بؤسه .. وأقصى ما يتمناه الفرد ان يتمكن من إيجاد قوتٍ لعياله .. او ان ينجح أحد أبنائه في إمتحان «التوجيهي» .. والله غالب ..



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «327»     التاريخ : 8/7/2003     سامي السيد

القبطان .. والفنان .. والقرصان

 


القبطان : منذ لقائنا الأول تيقنتُ أنني أمام شاب حقيقي .. رصين واثق من نفسه وقدراته .. يتسم بالبساطة والتواضع .. لم يتلوث بصفات البعض من أقرانه .. كالعنطزة والنزق والغطرسة على الإطلاق.
لقاؤنا لم يكن طويلاً وتوسمت فيه الخير .. إتفقنا بدون منغصات وعلى وجه السرعة وبأقل قدر من التكاليف .. وبعد أن تسلّم عمله في أول مواجهة ، كان حضوره طاغياً وفأله حسناً .. فتحقق الفوز وكان مستحقاً وساحقاً .. واصل مشواره بنجاح نحو قمة الدوري رغم تخلفنا بخمس نقاط حين تسلّم المهمة .. وها قد عاد من جديد وتسلّم المهمة في ظروف غاية في الصعوبة ، تسعُ نقاط فقدها فريقنا في بداية الدوري .. لأسبابٍ غير مفهومة ولا مقبولة .. نتصدّر الآن الدوري بإقتدار بعد عشر مواجهات قادها .. نلنا نقاطها بالكامل.
ثائر جسام .. يذكرني بالجيش العراقي العظيم .. الذي دخل أتون حرب أُكتوبر .. دون سابق إنذار .. ودون أن يستريح .. من الجبهة وإلى الجبهة.
] الفنان : لم أكن أعرف سرّ شغف الجمهور بهذا اللاعب العملاق .. كنت أتعمد الإبتعاد بخطوات .. عن إحساس الجماهير المفتونة بهذا الموهوب .. رغبة مني في ألّا أنساق وراء أحاسيس عاطفية وغير موضوعية .. لكن الأيام أكدت عكس توجهي هذا .. فهو متميز يحمل أثقال خمس وثلاثين عاماً قضى نصفها في الملاعب .. ولا يزال سريعاً .. قوياً .. جميلاً وداهية .. شكّل مع القبطان ثنائياً ذات معنى .. فالتحالف القائم الآن .. بين القبطان والفنان .. أوصلنا الى الصدارة .. أعترف أنني لم أرَ هذا اللاعب المتمكن في أي يومٍ مضى .. أجمل .. وأعظم .. وأرقى .. مما هو عليه الآن .. رأفت علي .. حماك الله.
] القرصان : ثمة قراصنة كُثر .. يملأون المكان .. من يعتقد أنه يملك الحقيقة .. ولا أحد سواه .. من يتعمد أن يُلغي الآخر .. من يتكسب على حساب المصلحة العامة .. من يعتقد أن «الطُبه» و«الحديده» هي البداية والنهاية .. من يجامل اللاعبين المُستهترين الخارجين على المسؤولية .. من همّه الأول والأخير «لقطة سينمائية» بجانب هذا أو ذاك من المؤلفة قلوبهم .. من يسعى الى إفلاسنا .. ولا يُهمه إلا «بوستر» بمناسبة كبرى .. من لا يعمل من أجل إكمال المنشآت والمباني والملاعب في غمدان .. التي أكل عليه الدهر وشرب.
من ساهم في بداية مشوار غمدان بجهد خلاق .. ثم تاه في صحراء الكرة «وعظّه» .. من يُسقط في كل يوم العقوبات تلو العقوبات .. ويقدم المنح والهبات والهدايا الواحدة تلو الأخرى بغير حقّ .. على قاعدة «بالمال وحده يحيى الإنسان» .. هؤلاء كلهم قراصنة و«شياطين».
الأعمال العظيمة لا تُنجز بطريقة «ذميمة».






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «661»     التاريخ : 22/2/2010     سامي السيد

الوحدات .. يتذكر

 


] في إحتفال وطني كبير .. نظمته اللجنة الثقافية في نادي الوحدات .. في ذكرى إغتصاب فلسطين .. تم تكريم المناضليْن في سبيل الحرية .. الأستاذ بهجت أبو غربية .. والدكتور يعقوب زيادين .. وربما لا يعرف الجيل الجديد .. من يكون هؤلاء الرجال .. فالسائد في العالم الآن .. أسماء مثل ميسي .. و كاكا .. وغيرهم .. ولهذا توقف الوحدات من أجل عرقلة المفاهيم السائدة .. فبهجت أبو غربية .. مناضل فلسطيني .. قاتل على أبواب القدس .. وأسوار حيفا .. عام 48 .. وقاد نضالاً دؤوباً من أجل الحرية .. أكثر من نصف قرن .. وحين إستقبله الرئيس صدام حسين .. على رأس وفد أردني للتضامن مع العراق .. قال له أمام الحضور : «أهلاً يا أستاذنا الكبير»..
أما الدكتور يعقوب زيادين .. فهو إبن الكرك .. في القدس عاش مناضلاً فترة من الزمن .. وإختارته القدس نائباً عنها في البرلمان الأردني .. وخاض نضالاً عنيداً ضد المصالح الغربية .. لنصف قرن ولا يزال .. وهناك طرفه متداوله عن الدكتور يعقوب زيادين .. عندما كان معتقلاً في الجفر .. خلال عقد الخمسينات .. حيث ذهب والده الشيخ لزيارته .. فتلقفه قائد المعتقل .. وطلب منه أن يقنع ولده لكي يستنكر الأفكار التي يحملها .. وسوف يطلق سراحه فوراً .. فما كان من الشيخ إلا أن عرض الفكرة على إبنه المناضل .. فراح الدكتور يشرح لوالده أنه صديق العمال والفقراء .. ولا يمكن أن يتنكر لهم..
وفي إحدى زيارات الشيخ لعمان .. ذهب الى باب الجامع الحسيني الكبير .. ليرى العمال أصدقاء ولده .. فسألهم عنه .. ليخبرهم عن أحواله .. فوجد أن لا أحد من العمال يعرف ولده .. فأصيب بخيبة أمل كبيرة !.
لهذا كرّم الوحدات .. بهجت أبو غربية .. ويعقوب زيادين .. لأن الوحدات .. يتذكر الشرفاء .. والمناضلين .. والمخلصين .. فيكرّمهم .. ويتذكر العملاء .. واللصوص .. والحاقدين .. ويسقطهم من ذاكرته !.








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «523»     التاريخ : 29/5/2007     سامي السيد

التائه !


 

جان بول سارتر مُفكر وأديب وفيلسوف فرنسي بارز .. عملَ مُعلماً .. ثم صحافياً وكاتباً ألمعياً حيث كان المدير العام لمجلة «الأزمنة الحديثة» في الستينات من القرن الماضي .. يُعتبر رائداً للتيارين الوجودي والظواهري .. تأثر سارتر في مُقتبلِ حياته بالعديد من الفلاسفة العظام .. هوسرل .. هيجل .. هايدنجر .. ثم مالَ نحو الفلسفة الديكارتية .. وفي مرحلة لاحقة من مسيرته الفكرية إتجه سارتر نحو الماركسية مُتأثراً بالتفسير اللوكاشي الطابع للفلسفة المادية ومع تنامي ونضوج فكره وإستيعابه لكافة التيارات الفلسفية كون فلسفة خاصة به عُرفت فيما بعد بالفلسفة الوجودية.
يتميز سارتر بغزارة الإنتاج الفكري والسياسي ولعل ذلك كان المدخل الأساس لإنتاجه المبدع في حقول مختلفة كالأدب والمسرح والفلسفة.
أما فيما يتلعق بحياته السياسية فقد عبر سارتر .. وباستمرار .. وبدون مواربة .. عن إنحيازه لكافة قوى الحرية والتقدم والإشتراكية .. وبوضوحٍ كامل .. فأعلن عن عدائه لقوى الإستعمار والإمبريالية .. حيث لعب دوراً طليعياً في الثقافة الشعبية الفرنسية المناهضة للإستعمار .. شارك في العديد من التحركات الشعبية في فرنسا وعلى الأخص الإنتفاضة الطلابية والعُمالية التي إجتاحت أوروبا عام 1968.
لم يكُن سارتر حزبياً رغم مواقفه اليسارية المُعلنة .. إتخذ مواقف صارمة حيال قضايا الإستعمار في الڤيتنام والجزائر فانحاز بشكل كامل نحو مسألة إستقلال الجزائر وعبر عن موقفه هذا من خلال كتابه المثير للجدل «عارُنا في الجزائر».
كما ناضل بدون ملل لإنسحاب القوات الفرنسية .. ومن ثم الأمريكية .. من الڤيتنام .. وإحتضن عبر مجلته المعروفة كُلّ المناهضين للحرب .. والمتمردين على السياسية الأمريكية.
ومناصرة لكوبا أصدر كتابه المعروف «عاصفة على السُكر» وراح يُهاجم فيه الحصار الأمريكي لها .. مؤيداً ثورتها .. وقيادتها الثورية.
إنحاز الى كل الثوريين والفوضويين في العالم .. ومن ضمن هؤلاء تأييده المطلق للجيش الأحمر الياباني .. ومنظمة بايدر ماينهوف الألمانية .. لإحداث الخلل المطلوب لتغيير هذا العالم الظالم والمتوحش.
إلا أن سارتر رغم مواقفه تلك .. قد تاه في صحراء علاقاته مع بعض المثقفين اليساريين اليهود .. فرنسيين وغيرهم .. المنحازين للكيان الصهيوني .. فكانت سقطاته مُدوّية .. لموقفه من القضية الفلسطينية والتي لا تنسجم البتّة مع مواقفه السياسية والفكرية والفلسفية.
أما صاحبي هذا إبن الحياة بكُّل تجلّياتها .. فوضوي .. إبن مُخيم بذكائه الفطري .. وفطنته .. ومأساته ..فهو لا زال يعيش أحداث النكبة كأنها قد حدثت البارحة .. يُحب النادي أكثر مما يُحب نفسه .. فالحياة عنده تبدأ من الوحدات وتنتهي أيضاً بالوحدات كأن حبلاً سُرياً يربط بينهما .. يُحب الفقراء .. ينحازُ إليهم بلا تردّد .. يمنحهم الحُب من قلبه والحنان .. مُنحاز للثورة والتغيير بلا تردد .. أو مُساومة .. في الحُب .. والعلاقات الإنسانية .. لهُ شأنٌ وباعٌ طويل .. ينبُذ الإقليمية .. ودعاتُها .. يتغلغل .. ينصهر .. يذوب .. في كل ما هو جميل .. فهو مُتمرد أيضاً.
صاحبي هذا قادر على فعل الكثير .. إلا أنه تائه في الصحراء المليئة بالغُرباء .. والجُبناء .. والعُملاء .. ويتوعدُني بهم .. كل ما حاولتُ تطويق أحدهم .. فهل سيفيق من غفلته تلك .. أم سوف يبقى .. شأنه .. شأن سارتر ؟



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «670»     التاريخ : 27/4/2010     سامي السيد

الديكة



ثمة رغبة تلازمني منذ أمد بعيد .. فأنا مفتون باقتناء الحيوانات الأليفة منها .. كذلك الطيور بانواعها .. فالمكان يعج بالحمام والدجاج .. ناهيك عن البط .. والأوز .. ولا نَنسى «الديوك» الرومية المفضلة لدى الغرب .. خاصة في أعيادهم الدينية «عيد الشكر» الذي يحتفل به الأمريكيون باهتمام كبير.
ما لفت نظري وأثار دهشتي وإستغرابي .. العلاقة المتوترة بين ديكين .. أحدهما بمظهر باكستاني بلونه الأسمر المزركش وطوله اللافت .. أما الأخر فمن فصيلة الديكة «البلدية» مكتنز يزهو بلونه الأحمر الموشح بالسواد .. يتمختر في مشيته كأنه قد حاز على كنوز الدنيا مجتمعة .. لمَ وهو محاط بالعديد من الدجاجات يتنقل بين الواحدة والأخرى وكأنه «كازانوفا» ، كلما أراد إحداهن تُهرول نحوه بمجرد إيماءة من عرفه الأحمر الجذاب كأنه تاج الملوك .. لم يتوقف الأمر عند الدجاج .. فنراه ينفرد أحياناً وكلما يحلو له .. ببطة جميلة مكتنزة .. ممشوقة القوام .. لا فرق أكانت بيضاء .. أم سمراء في إحدى زوايا المكان يغازلها .. يلاعبها  ثم يوقع بها .. مما أثار حفظية وغضب الديك الأخر الأسمر الناقم على ظروف حياته القاسية ، فهو يعاني منذ زمن بعيد ولا أحد يوليه الإهتمام المطلوب لفك عزّلته .. فالدجاج كالبشر يُحببنَ الذكر اللعوب .. القادر على الفعل .. لهذا غضب وحقد على الدجاج وعلى صاحب الدجاج ، كونه منحاز لديكه الأحمر الموشح بالسواد وعُرفه الأحمر الطويل .. ومنقاره الحاد الذي يلتهم كل شيء.
الغيرة .. والمرارة .. والكراهية تُعكر صفوَ حياة الديك إياه .. فراح يصب جام غضبه على كل ما في المكان من أعلاف .. وأعشاب .. كذلك الدجاج والحمام .. وفي ذروة يأسه اشبتك مع ديك رومي قوي .. كأنه يودّ الإنتحار فلا طعم لحياته .. فصرعه .. وقهره .. وأذله فولى الأدبار ، مما عكّر حياته وصورته أمام الجموع من الطيور .. هذا الديك الرومي الذي يجلس بوقار شديد في زاويته فلا يتحداه ، ولا أحد يستحق الإهتمام فهو سيد المكان ..
إحتار الديك الأسمر .. ماذا عساه يفعل .. فهو لا يقوى على منازلة الديك الرومي القوي .. ويغار من فتنة الديك البلدي الأحمر المكتنز .. فجميع الدجاجات معجبةٌ به .. وتظل تلاحقه لمطارحته الغرام .. أما هو فلا دجاجة واحدة تهتم به .. أو تغار عليه ولو من باب الشفقة أو العطف .. فهو مضطرب يائس .. لا شيئ لديه ليقدمه للآخرين .. سوى السأم والشكوى من سوء حظه وطالعه.
قرر الديك بعد أن ضاقت به السُبل الفرار .. فراح ينتظر الفرصة تلو الأخرى الى أن لاحت له .. فأثناء عبور سيارة تحمل دجاجاً الى المكان المتواجد فيه .. قفز إليها وإختبأ .. لعله يهرب من واقعه المظلم .. انطلقت السيارة  على عجل في طريقها الى مكان آخر .. وإذ بهذا المكان .. مسلخاً للدجاج.
فوجئ الديك المضطرب بالمصيدة التي وقع فيها .. وراح يلعن الأيام والظروف التي أوصلتهُ الى ما هو عليه .. جلس  ينتظر في سأم.
الديك التائه .. ينتظر الذبح لمن يحبون مذاق لحم هذا النوع من الديوك.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «667»     التاريخ : 6/4/2010     سامي السيد

الديك البائس ... والجزار

 


ما أن إستقر الحال بالديك إياه .. في قفص بمحل بيع الدجاج الحي والمذبوح حسب الطلب ..
لم ينم ليلته تلك .. الظلام الدامس يُخيم على المكان .. رأسُ صاحبُنا «الديك» يكاد ينفجر من تزاحم الأفكار السوداء في رأسه .. لم يقوَ على الوقوف .. يرتعد من الخوف .. ماذا عساه أن يفعل .. فلا فرصة تلوحُ في الأفُق .. فالقفص مُغلق بإحكام .. آه .. لو إستطاع الفرار من القفص .. لكن .. المحل مُغلق .. لم يتذوق حبة قمح .. أو رشفة ماء في ليلته هذه .. في الصباح إستيقظ باكراً .. وراح يراقب ما يجري في المكان من أحداث .. فالناس تتوافد على ا لمحل رجالاً ونساء .. الكل يطلب ما يريد .. فهذا يريد ديكاً مذبوحاً ومنتوفاً فقط .. لحشوه بالرز واللحم والصنوبر .. ليقدمه وليمة دسمة لحفنة من أصدقائه .. وهذه السيدة المكتنزة .. تريد ديكاً مقطع الأوصال لإعداد طبق من المقلوبة لزوجها الكادح وأطفالها .. وأخرى تريده مقطعاً ليناسب «سدر» المسخّن الشهي المعد بالبصل والتوابل لأقاربها القادمين من بعيد لزيارتها بعد طول غياب ..
راح المسكين يسمع ويشاهد وهو يئن تحت هول الرُعب الساكن في قلبه .. عملية حزّ السكاكين تسير برتابة مع ما يرافقها من عمليات الذبح المستمرة .. أصوات ماكنة النتف تُصيبه بالقشعريرة وهي تلوك ريش الذبيحة وتنزعه عنوة .. فأُصيب باليأس والإنهيار.
مضى يوم كامل وهو يراقب ما يجري أمام عينيه .. لم يذق فيه أي حبة من الطعام المُلقى أمامه بسخاء .. فالجزار يريده صحيحاً .. سليماً .. سميناً .. وبصحة جيدة .. ويريده أيضاً .. أحمر الوجه يافعاً .. لتسويقه لزبون خاص يعرفه تمام المعرفة .. هذا الزبون .. يشتهي ويتذوق هذا النوع من الديوك المنبوذة .. التي لم ترَ يوماً جميلاً في حياتها البائسة .. فحياة هؤلاء قاسية .. صعبة .. مثقلة بالديون .. ولا أحد يرغب في صُحبتها أو مرافقتها أو إقامة أي علاقة معها .. فهي مُكلفة .. ثقيلة .. فلا يقوى على تحملها أحد .. من أجل ديك يائس ناكرٍ للجميل .. فهذا الديك يتنكر لكل شيء وينسى كُل ما يأخذه اليوم من صدقات في صبيحة اليوم التالي.
ثمّة قلّة قليلة ترغب في إصطياد تلك النوعية من الديوك لتوظيفها في عمل ما أو وليمة ما .. تكون ضحيتها الأولى والأخيرة تلك الديوك اليائسة.
الديك مُصاب بالخوف والإضطراب .. فراح يجوب القفص في حركة مجنونة بكل الإتجاهات .. مما دفع الجزار للقيام بحركة هادفة لتهدئة وتطمين الديك إياه .. على أمنه وسلامته .. فصار لا يغلق عليه باب القفص أحياناً .. ولا ينسى أن يداعبه كلما تسنت له الفرصة لرفع معنوياته ..وكان يقدم له أحياناً القليل من حبات البندورة التالفة تكون قد سقطت من زبون جاء على التو من سوق الخضاء أو بقايا تفاحة تركها غلام كان قد جاء مع أُمه للشراء .. بل وأكثر من ذلك .. وعده أن يرافقه في زيارة خاصة لمعرض الديوك عندما يتم إفتتاحه قريباً .. لمشاهدة منازلات الديوك المثيرة بينها من كل الأنواع والأجناس.
إطمأن الديك قليلاً .. وراح يأكل بنهم كالثور .. ولسان حاله يقول «إذا لم تتسنَ لي فرصة الخلاص والحياة .. فعلى الأقل علي أن أستفيد من الأكل الوافر المُلقى أمامي الآن .. بعدها يخلق الله ما لا تعلمون».
راح الجزار ينظر إليه بخبث .. ويقول في نفسه .. «إلتهم ما تريد .. فإن سعرك سيزيد .. لأني أود أن أبيعك لمن أُريد».
إقتاد الجزار الديك قبيل إفتتاح البازار (المؤتمر) بقليل .. عند الإفتتاح الديوك من كل الألوان والأنواع والأجناس .. تتمختر في باحات المعرض .. شابة .. يافعة .. قوية .. جميلة.
لم يتقدم أحد لشراء الديك الهَرِم بوجهه الشاحب.
قبل إغلاق البازار بقليل .. بيعَ الديك المنبوذ بالجملة طعاماً للكلاب.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «669»     التاريخ : 20/4/2010     سامي السيد

الرقم 20

 


عندما كنت أُشاهد هذا اللاعب العملاق بردائه الأسود الذي يشبه رداء «زورو» ، كان قلبي يهفو الى تحركاته ويتابعها ، يزداد خفقاناً كلما يقطع هجمة لنا بمنتهى الجسارة ، وينطلق بالكرة كالسهم نحو مرمى فريق الوحدات مُشكلاً الخطورة تلو الأخرى ، فأبدأ أقول : «يا رب أُستر ، يا ريت يتزحلق».
مَن يوقف هذا الخطَر الدفاق .. سؤال تكرّر مرات ، وكم تمنيت أن يستبدل هذا الرجل رداءه الأسود برداء جديد جذاب ، يكون مزركشاً باللونيْن الأخضر والأحمر ، وحصل ما تمنيت إذ انتقل الى العرين الأخضر منذ ثلاث سنوات ، حاز خلالها فريقنا على بطولة الدوري مرتين والثالثة على الطريق.
هذا اللاعب المؤدب والمعطاء لم يُطرد من مباراة .. لم ينل «كرت» أحمر كما لم ينل «كرت» أصفر بدون مبرر خلال وجوده معنا .. يلعب كالرسام يركض كالحصان البري لا أحد يوقفه.
سألت كافة الكوادر الفنية والإدارية التي تعاملت مع «محمد جمال» لم أسمع كلمة سلبية بحقه ، هذا اللاعب نموذج للاعبين أصحاب الإنتماء والإخلاص ، وعملية انتقاله لصفوف الأخضر تمت بيُسر وبلا ضجيج ، وبدون دفع الألوف من الدنانير وما أن علم أن الوحدات يريده طار مِنَ الفرح ولم يتقدم بلائحة من المطالب .. فقط أريد أن ألعب مع الوحدات وبأي ثمن وليكن ما يكون.
كان الرجل يحبّنا ونحن الآن نُحبه ولا نخشاه.
عندما بدأت مفاوضات إنتقاله لم يضع شروطاً .. ولم يطلب شيئاً.
وقّع «على بياض» ، وكان رجاؤه أن يتحقق حُلمه الدائم في إرتداء القميص الأخضر.
محمد جمال ليس حصان طروادة بل حصان بري جامح.
شكراً لرئيس نادي شباب الأردن سليم خير الذي سهل عملية إنتقاله.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «614»     التاريخ : 17/3/2009     سامي السيد

الريع .. والمنطق الكسيح

 


عانى الوحدات طويلاً من مسألة الريع المطروحة على الدوام على طاولة اتحاد كرة القدم والأندية الأخرى .. كتبنا في هذا الشأن كثيراً .. وتحدثنا أكثر .. عمّا يجري بهذا الخصوص عربياً ودولياً .. بحيث أصبحت هذه المسألة معروفة حتى للأطفال ! ..
في مصر وهي الدولة الأكثر عراقة في الشأن الكروي .. نصوص واضحة ولوائح أكثر وضوحاً ، ولا مجال للاجتهاد فيها ولا مكان للمحاباة والعنصرية والشللية .. النصوص تتحدث عن نفسها .. النصوص تتكلم في الدوري والكأس وما بينهما .. مباراة لك وأخرى لمنافسك .. فعلى سبيل الفرضية فأن النادي الأهلي المصري الأكثر شعبية في مصر والعالم العربي.. بوضوح وبدون مواربة أواجتهاد (حصته واضحة) .. المد خول الكامل لمباراته على ملعبه تذهب تلقائياً إلى صندوق ( النادي الأهلي) الخاص ، وهذا الحال ينطبق بوضوح أكثر على الأندية العالمية كريال مدريد .. وبرشلونة .. إلا نحن ففي كل شيء ندّعي أننا لنا خصوصية .. فبلادنا من وجهة نظرنا أجمل الأوطان .. والنساء عندنا هنَّ الأجمل والرجال هم الأشجع والأكثر شهامة ، ولا نعاني من أزمة مياه ، بل العكس فبلادنا ممتلئة بالأنهار والجداول .. أما الغابات فهي تضاهي غابات سويسرا أن لم تكن أجمل .. والثلوج تستوطن رؤوس الجبال طوال العام والصحراء جلبناها .. جلباً لتطوير السياحة .. لهذا كله لا بد لنا من التميّز عن الآخرين ، ولا يجوز أن نطبق القوانين العالمية في كرة القدم على اتحادنا .. وأنديتنا المتميزة والمتطورة ! نفس القوانين والأنظمة والقواعد الدولية .. فنحن الأجمل والأعظم والأبهى.
أيها السادة : صراع طويل وعلى مدار عقود مضت ، خاض الوحدات معاركه تلك .. لم يكن فيها مدعياً.. أوظالماً.. أومعتدياً على حقوق أحد .. وبدونه لا معنى لكرة القدم عندنا ! فهوصانع المطر الجميل .. أما لماذا.. فلأن أكثر من 40 % من دخل المباريات الكاملة للدوري الأردني وعددها (242) يحققها الوحدات وحده في مبارياته ألـ (22) فقط .. اكتشفت بالصدفة أن رقم ( 242 ) مجموع مباريات الدوري الأردني رقماً غامضاً .. كغموض الرقم ذاته الذي أصدره مجلس الأمن في العام 1967 ، لهذا يصعب به تطبيق العدالة.. كما يصعب تطبيق قرارات الأمم المتحدة .. أما الأندية الأخرى التي تقاوم العدالة فلا يمكن أن تتقدم وتتطور ما دامت تعيش عالة على الآخرين.
لا ذنْب للوحدات أنه معشوق الجماهير وأن قاعدته الشعبية هي الأهم والأكبر والأكثر ولاءً ، ولا يتحمل مسؤولية أن القنوات الفضائية تفضل بث مبارياته دون سواها .. القضية ليست عندنا ابحثوا عن الخلل وعالجوه قبل أن يستفحل.
في الأسبوع المنصرم خاض الوحدات معركة صعبة وشاقة .. حقق من خلالها مكاسب كبيرة .. فحاملووجهة نظر الوحدات كانوا من الشجاعة بمكان .. لم يفرطوا .. لم يساوموا .. لم يُهزموا .. تحملوا الاتهامات والتهديد والوعيد .. لم يطأطئوا الرؤوس .. فقد ولى عهد الإدارات المساومة التي اعتادت أن تبيع قضايانا بأبخس الأثمان .. وظيفة هنا .. أو علاوة هناك.
للشبكات العنكبوتية : الذين يتحفونا على الدوام بقضية لاعب هنا أولاعبة هناك .. ولا ينامون الليل قبل إثارتها وتسليط الضوء عليها ، للوصول إلى رغباتهم وأمنياتهم ومبتغاهم .. ألا تستحق معركة الريع فتح مساحات على الشبكات لمناقشتها وللوقوف على الحقيقة .. والانتصار للحق والعدالة ؟ .. الانتصار للوحدات المظلوم على الدوام كما يفعلون بقضايا أقل أهمية بكثير.
الأعمى لا يحسن رؤية النور .. ولا يميز بين النور والنار !! .. والأيادي المرتجفة لا تقوى على الدفاع عن نفسها.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «684»     التاريخ : 3/8/2010     سامي السيد

الذئب الأبيض



 



فوجيء لاعبونا بوجودي في صالة المسافرين في مطار عمّان الدولي .. الفرح عم المكان .. الجميع التفوا حولي كالفراشات الجميلة .. زياد شلباية بمسؤولية كبيرة أنجز كافة أمور السفر .. الذئب جاء متأخراً .. ربما كان يتلبد في أرجاء المطار يبحث عن شيء ما .. ما أن شاهدني حتى غاب في ضحكة طويلة للتعبير عن فرحه بوجودي .. حليم كعادته لطيفاً .. ودوداً .. خجولاً .. كالكبار الذين يُعطون بصمت وبلا ضجيج .. تحدثنا في كل شيء .. ما يخطر وما لا يخطر على البال .. في المطار ابتدأت عملية التعبئة الهادفة والهادئة للمواجهة في مسقط .. فهي المقدمة لما بعدها ..
في مطار المنامة دار حوار حميم شارك فيه الذئب وحليم وباسم وآخرون .. الشقي المحارمة تساءل في خبث ماذا سيرتدي فريقنا في مباراة الغد .. أجبت .. زينا التقليدي مع بعض التغيير إذا إقتضت الضرورة ؟!
المحارمة في تندر .. نريد أن نلبس الزيّ الأبيض كاملاً .. لأن الذئب الأسود يحب اللون الأبيض .. لأن الأبيض يُذكره بعزيز .. علت القهقهات ملأت المكان ..
في باحة الفندق .. وفي حوار مازح .. تمت عملية بناء الثقة المطلوبة لتحقيق الهدف .. الفوز ولا شيء غير الفوز .. قلت لحليم .. أريد منك في هذه المباراة أكثر من هدف .. وعلى طريقتك .. قال بشرط أن يرفع الذيب الكرة المطلوبة .. وشرط آخر ........ ؟!
وافق الذيب وهو يقهقه على الشروط .. كانت المباراة صعبة للغاية .. الطقس حار .. والرطوبة لا تطاق .. حصل ما إتفقنا عليه .. وكم كان إندهاشي عندما أحرز الفريق العُماني هدفه الوحيد .. كان الردّ سريعاً .. خلال دقيقة واحدة .. بكى زياد شلباية من شدّة الفرح .. كان الرجل كما يجب أن يكون الإداري المسؤول .. حريصاً .. يقظاً .. يتابع الصغيرة قبل الكبيرة .. لقد تحمل المسؤولية بإقتدار.
كرة حليم الأولى في القائم .. أما الثانية المرفوعة من الذيب راحت كالسهم في المرمى .. الذيب لم ينفذ الشرط المطلوب  لحليم عندما أحرز هدفه الأول .. من وسط الملعب .. وفي حركة مسرحية رفع المحارمة طرف قميصه الأبيض وقال لي .. ألم أقل لك أن عامر يحب الأبيض .. من مسقط عُدنا على العهد متفقين .. لإنجاز المهمة الكُبرى في عمّان.
بالطائرة في طريق العودة الى عمّان .. أجلس بجوار محمود شلباية .. الجميع إلتف حولنا .. أعقنا المرور .. دعاني ووعدني كان عند وعده فارساً .. «بلدياتي».
اليوم وقبل خروج الفريق من الفندق .. هاتفت جمال محمود .. سألته عن الذئب الأسود .. زودني برقم هاتفه .. تحادثت معه عن المباراة وما هو مطلوب منه .. كان كما يجب ذئباً كاسراً .. كذلك مع حليم .. طلبت منه أن يحرز لي هدفاً جميلاً .. وبنفس الطريقة .. قال على عيني وراسي .. «بس إحكي مع الذيب».
الذئب الأسمر يحب البياض .. من كل الأصناف .. على الأخص الجميلات .. له الحق في ذلك .. ويستحق ذلك ..
أما حليم .. فإن أجمل القذائف تنطلق من طرف حذائه .. الخراف .. الأرانب .. الدجاج .. تخاف الليل .. تخاف المواجهة .. تخاف الذيب .. الذيب .. الذيب ..
كل الألحان الجميلة العذبة .. تنطلق من بين يسارية العندليب .. «من هنا كانت البداية .. وابتدى الشعب الحكاية .. إنتصرنا .. إنتصرنا .. إنتصرنا».
اللي مش مصدق الرواية .. عليه أن يسأل الذيب وحليم والمحارمة والفريق.
للجماهير وهديرها الصاخب إحتفالاً بالنصر .. نرفع القبعة .. وللحب الكبير للوحدات وما يعنيه .. ننحني.
للذين يعشقون عدسات التلفزة .. وميكريفونات المحطات المحلية .. واللي مش عاجبهم العجب .. ولا الصيام في رجب .. نقول لهم «العوض بسلامتكم ؟!»



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «668»     التاريخ : 12/4/2010     سامي السيد


قنينة وثلاثة وجوه !!







بعد الاجتياح الاسرائيلي لجنوبي لبنان صيف عام 2891 وهجرة المقاومة الفلسطينية الى المنافي.. أقر على عجل اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، حزمت امري على السفر بعد ان تسلّمتُ رقعة الدعوة.. في الطائرة التي انطلقت من عمان الى روما كان الامر عادياً.. هبطت الطائرة في مطار روما الواسع الشاسع ثم انتقلنا الى طائرة اخرى كانت على وشك الاقلاع الى الجزائر العاصمة..
في الطائرة.. وما ان اخذنا اماكننا على المقاعد حتى راحت المضيفات يقمن بواجب الضيافة.. قبل ان يتولى احد المضيفين عرض بضائعه كالعادة من سجائر اجنبية.. وقوارير متعددة الالوان والانواع والاحجام.. حيث هرع «البعض» لشراء حاجاته مما عرض.. لم يرق لي الامر.
بعد انفضاض اعمال المجلس غادرنا الى تونس.. كان الوقت ليلا.. من المطار انتقلنا الى مقر رئيس اللجنة التنفيذية.. كنا مجموعة مختلفة الاتجاهات والاهواء والمواقف.. «الحراس» كان اغلبهم من «الوحدات»، كبيرهم صديق قديم لي وعلى صلة معي.. فجأة سمعتُ ضجيجا. سألتُ ما الامر؟ قالوا: احدهم يحمل «قنينة» في مقر الرئاسة!!.. استطلعتُ الامر.. ربما بدافع الفضول.. فتيقنت ان شخصا اعرفه هو صاحب العلاقة.. ويتعرض الى تعنيف وتوبيخ شديدين.. يكاديصل حد استخدام الايدي وربما غيرها في مواجهته!!.. تدخلتُ محاولا انهاء الموقف.. صودرت «القنينة».. ترك الرجل وشأنه.. رمقته بنظرة لا تخلو من ازدراء.. ثم قفلتُ عائداً الى حيث كنت، ما لبثت ان غادرت المكان.
٭٭٭
مؤخراً واثناء عودتي من زيارة الى دمشق .. وعلى الحدود وقف رجال الجمارك يفتشون السيارة كعادتهم علّهم يعثرون على حاجيات تتسوجب «الجمركة».. لكنهم اخفقوا.. سجّل رجل الجمارك على ورقة خاصة.. تفاح .. حلويات.. زجاجة ويسكي.
ذهب مرافقي لكي يختم الورقة من المسؤول.. كان الرجل متدينا.. أسمعَ المرافق كلاماً قاسيا فيه ما يكفي وربما يزيد عن التوبيخ.. ولكن بأدب جم وبأسلوب سلس؟!... اشار بإصبعه الى شخص بعينه وهو ثالثنا وقال: تبهدلت من وراء هذا .. وقنينته!!
٭٭٭
في الطريق الى صنعاء.. وقبل ان نغادر مطار الملكة علياء الدولي... صاح بي أحدهم قائلا: ماذا تحمل في حقيبتك: «وسكي» ، قلتُ باستخفاف : انا لا احمل مثل هذه الأشياء.. انا لا اشتغل هذه «الشغلة»!!.. قال : بوسعك ان تشتريها وانا اشربها!!..
لم اعلق.. انتابي شعور بالتقزز.. اقلعت الطائرة.. هبطنا بمطار صنعاء.. اثناء توجهنا الى طائرة اخرى كي تنقلنا الى «المكلا» بحضرموت سارت حقائبنا عبر شريط من اعمال التفتيش... توقف احد الضباط امام «قنينة» بعينها ملفوفة بكيس بلاستيكي مزركش.. قال بعد ان كشف المستور عنها: لمن هذه؟! قال احدهم بعد تردد: انها لي .. احس بالحرج وطأطأ .. راح الضابط يُسمعُ صاحب القنينة كلاما قاسياً جارحاً.. بعد ان تأكد انه رجل مسلم.. وبعد جدل حاد اخذ الضابط «القنينة» وافرغ ما بها في جوف «المرحاض» .. رمقتُ صاحب القنينة بنظرة فيها كل شماتة وإزدراء الدنيا!!..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «265»     التاريخ : 30/10/2001     سامي السيد

من كلكتا

 


على طريقتها رحبت بنا كلكتا .. فلحظة وصولنا للباب المؤدي الى خارج المطار نحو الحافلة التي سوف تقلنا الى المدينة .... راح المطر يتساقط بغزارة مما دفعنا للانتظار بعض الوقت ... ترحيب مطري من السماء ايضا.. ومشهد بديع. البعض رأى في ذلك تنوع الطبيعة وجمالها.... تابعوا المشهد بزهو طفولي ... فالمطر في بلادنا على قلته فال خير حسن.
المتأففون الذين لا ينظرون الى العالم الا من خلال ثقب سفلي صغير اعتقدوا ان تساقط الامطار بهذه الكثافة يعيق برامجهم من السفر و الاسفار.
هرولت الحافلة بنا نحو المدينة في طريقها الى الفندق مخترقة شوارعها العتيقة ... هذه المدينة التي تضم بين جنباتها الملايين كانت قد تشكلت و اقيمت بقوانين اجتماعية طبيعية وليس بفعل تدفق النفط.... كما هو حال مدن الملح الحديثة.
في ردهة الفندق استقبلنا الهنود وفق الطريقة التقليدية بوضع اكاليل الزهور في اعناق الوفد الضيف و ابتسامة من عبق التاريخ لا تفارقهم ... تأقلم الجميع بسرعة مع المكان متجهين نحو غرفهم مهرولين في انتظار رد الجميل.
الهند ثاني اكبر أمة من حيث عدد السكان اذ يبلغ عدد السكان اكثر من مليار و ماية مليون نسمة وتعتبر أكبر دولة ديموقراطية في العالم رغم تنوع وتعدد الملل و الاطياف و الاديان والاعراق .... فالنظام السياسي في الهند ديموقراطي نيابي....والحياة الحزبية متنوعة تنوع الهنود انفسهم . فبالاضافة الى حزب المؤتمر هناك احزاب اخرى هامة وعريقة كحزب جناتا وغيره من احزاب اليمين و اليسار سواء بسواء.
تجري الانتخابات في الهند وفق الدستور كل اربع سنوات او كلما دعت الحاجة لذلك فتتفق القوى السياسية على اجراء انتخابات مبكرة ويفوز من يفوز دون تدخل من الحكومة او العسكر لصالح الحزب هذا او المرشح ذاك.
فالحكومة و الجيش والمخابرات هم من الشعب و الى الشعب مهمتهم حماية الوطن و الدفاع عنه ولا شيء غير ذلك.
الهند البلد العملاق تاريخا وحاضرا يعد الآن من اهم دول العالم وتسعى الدول الكبرى لنيل ودها -وعلى رأس هذه الدول امريكا-فالهند تعتبر من اهم القوى الاقتصادية و العسكرية الصاعدة وفي عام الفين وعشرين ستصبح القوة الاقتصادية الثانية بعد الصين مخلفة وراءها اسياد العالم الحاليين ( الغرب ) ولكن لاشيء هنا للبيع لا لامريكا و غير امريكا فالهندي الفقير هو الاهم في اجندة كل الحكومات و الاحزاب و الافراد. ولا عزاء للاقليميات و الاقليميين و الطوائف و الطائفيين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «568»     التاريخ : 15/4/2008     سامي السيد

ثقافة المقابر

 


كُلما (دق الكوز في الجرّة) (يطنطنط) في وجهي صديقنا قائلاً لي سوف (أدحدل) رأسك على المصدار .. أبتسم وأنا أسأله كيف ولماذا ؟ .. يرُد (مش بس أنا) القادر على الإطاحة برأسك ، أيّ واحد ممكن يدحدل (هالراس النحاس) ، فلا أظن أنك نسيت تجربة الدورة السابقة فالذي أطاح برأسك جاء من عالم النسيان ، ودحدل راسك عينك عينك ، وهو ليس الأول ولن يكون الأخير .. وأنا أكثرهم قُدرةً على ذلك لأنني أتمتع بشعبية جارفة .. وكذلك صاحبُنا الذي كُلما رأيته يقول لو إمتلك سامي سبعين «في المية» من الهيئة العامة وأنا أمتلك فقط ثلاثين أستطيع هزيمته بسهولة ودحدلة رأسه الى قاع الوديان.
رُحتُ أسأله مبتسماً .. لماذا تستطيعون هزيمتي بسهولة ؟ .. هل كُتبكم تملأ الأسواق ؟ .. وهل أبحاثكم تملأ رفوف المكتبات ؟ .. وهل لديكم القُدرة على إيقاف الجماهير على رؤوس أصابعها من قُدرتكم الفائقة على الخطابة مثل هوغو شافيز أو رمضان شلّح ؟ .. هل قضيتم ربيع شبابكم في الإنتقال من معتقلٍ الى مُعتقل ؟؟!! فأحسنكم لا يستطيع كتابة سطرين فقط في موضوعٍ جاد أو ذي قيمة ، اللهم إلا إذا كانت هذه السطور تتعلق بزيادةٍ في الراتب أو في طلب تغيير السيارة .. وتثبيت علاوة الإضافي وذلك بكتابة «الاستدعايات» المنمّقة.
قال كل هذا لا يهم فنحنُ نقضي جُل حياتنا في المقابر نُقدم التعازي ونتقبلها ، كما نقتلُ أغلب أمسياتنا في حضور حفلات الزواج والزفاف ، حيث نتناول المناسف والحلوى وغيرها بنهمٍ شديد ..
قُلت يبدو أن زعيم الجماهير الفنزويلية يستمدُ شعبيته الجارفة من تلك الممارسات ، وكذلك كان زعيم الأمة جمال عبد الناصر يستمدُ تلك الشعبية من ثقافة الولائم والرشاوي ، والركوع تحت أقدام أصحاب النفوذ من سلطاويين حكوميين أو ماليين ؟؟!!
إيها السادة .. ما من رائدٍ أو مُصلح صدقَ وصادق الجماهير إلا وكان يملك مشروعاً نهضوياً .. مشروعاً للحياة والتقدم والعدالة .. وليس مشروعاً للنفاق و«التبويس» والموت والكذب على اللحى .. لقد جربتم ذلك مراراً وبئِستْ تجاربكم.









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «610»     التاريخ : 17/2/2009     سامي السيد

ثقافة الطناجر !!

 

جائني صديق عزيز يدعوني لتحديد موعد لوليمة يرغب في إقامتها في منزله تكريماً لي ولصديق آخر محب «للطبيخ» .. كان قد ألح عليه بضرورة دعوته لوليمة تزخر مما هب وطاب من «الكرشات والروس»!! .. أجبته : من قال لك أنني من جماعة «الطبايخ» .. أنا لا أحب «الطبايخ» ولا ثقافة «الطبايخ» وغير معني بالنتائج والإتفاقيات التي تتمخض عنها تلك الطقوس .. تلك النتائج التي سرعان ما تنتهي مع آخر لقمة يبتلعها المدعوون ..
قال : «معلش عشان خاطري» .. فالرجل حبيبنا .. وهو الذي طلب بلسانه هذه الوليمة!! .. فصاحبنا يموت في «الكرشات» .. وفي مضغ «الكرشات» .. وفي مط «الكرشات» .. ولديه الإستعداد للذهاب إلى آخر الدنيا إذا كان الطعام من هذا الطراز!!..
قلت لنفسي : لاحول ولا قوة إلا بالله .. إنصعت لمطلبه .. فلم تكن لدي رغبة بقطع نصيب عاشق «الكرشات» .. وافقت ضمنياً على الحضور .. في الموعد المحدد ..
ولأن «الطبايخ» وطقوسها لا تجد مستقراً في ذاكرتي .. فهي ليست إجتماعاً حزبياً .. ولا أمسية شعرية .. ولا حتى فيلماً سينمائياً حاز على جائزة رفيعة .. ليدفعني إلى ذلك الموعد دفعاً .. لهذا نسيت .. وإرتبط بمواعيد أخرى أكثر أهمية في هذا الوقت بالذات ..
جائني إتصال يذكرني بذلك .. وتلاه آخر .. داهمني تكاسل وفتور .. وعدم رغبة بالذهاب .. فالواقع حزين ومدمر .. قوات «المارينز» توزع هداياها على الأطفال والنساء .. في كل مكان على هذه الأرض .. بغداد .. البصرة .. النجف .. كربلاء .. العراق كله يحترق .. ونحن نلوك «الكرشات» ..
تحت ضغط الإلحاح بأن «الكرشات» قد أصبحت جاهزة .. وما علينا سوى المبادرة إلى مطّها .. وإلتهامها .. وقعت في حيص بيص .. ولم أجد مناصاً سوى الإنصياع ..
ورحت أكيل لصاحبي ولصاحب صاحبي .. ذلك النّهم .. صاحب البطن الأجرب سيلاً من الشتائم .. هل هذا وقت «الطبايخ»؟ في الوقت الذي يموت الناس فيه بالآلاف .. قلت في نفسي متسائلاً .. أيُ نوع من البشر هؤلاء ؟ ..
ومع ذلك .. خضعت لرغبة صاحبنا ذو الجوع المزمن وإصطحبت صديقين .. وذهبنا إلى المكان المحدد .. حيث «الطناجر» ممتلئة عن بكرة أبيها .. بالرؤوس و«الكرشات» تفوح منها رائحة زكية يسيل لها اللعاب ..
جلسنا حول المائدة .. نتحادث .. ننتظر تقديم الطعام .. لحظتها رحت أفكر في تلك الظاهرة تفكيراً عميقاً وقلت لنفسي : لماذا ألوم الرجل وصاحبه .. فالبلد كلها مركبة على ثقافة «الطناجر» .. ورحت أسترجع مشاهد طويلة لحكايا كثيرين .. لا يملكون مزايا من الثقافة .. او الإبداع .. او التميز .. لكنهم يحققون نجاحات قل نظيرها لأنهم لايحسنون .. إلا .. إستخدام ثقافة «الطناجر» .. إذ كلما رأوا مكاناً شاغراً أو فرصة سانحة يقومون وعلى وجه السرعة .. بتحضير الولائم .. يدعوون إليها من يشاؤون من علية القوم الذين يحسنون المضغ .. واللدغ .. بغية تسويق أنفسهم .. إذ ليس بوسع هؤلاء أن يقدموا شهاداتهم .. أو مؤلفاتهم .. أو إنتاجهم الفكري والسياسي والكفاحي .. إنهم فقط يتقنون تنظيم حركة الصحون .. والملاعق .. وسواها .. إنهم مثقفو «الطناجر» .. الأمة تذبح من الوريد إلى الوريد .. ولا صوت يعلو فوق صوت «الطناجر» ..
لاريب أنها مرحلة «الطناجر» .. ولا مكان فيها لغير «الطناجر» ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «314»     التاريخ : 8/4/2003     سامي السيد

تبضُّع

 


تتناقل الصُحف الرصينة ، وصُحف الإثارة الأخبار الساخنة .. التي تتردد أصدائها .. سراً وعلانية .. عن الصفقات المُثيرة للجدل .. التي يعقدها نادي الوحدات بين الحين والآخر.
والمتتبع لتلك الأخبار يعتقد أن نادي الوحدات قد عثر على كنز ثمين من كنوز الدولة العثمانية «المدفونة» بعناية على جنبات سكّة حديد الحجاز .. كيف لا والصفقات بمئات الألوف من الدولارات .. فمن أين لهؤلاء القوم تلك الأموال الطائلة ؟ .. هل رئيس النادي الموقر يدفع بسخاء ؟ .. أم أن آخرين قد إنضموا لذات المدرسة .. مدرسة الشراء والتبذير .. تلك المدرسة يقودها بإقتدار الرئيس المُلهم الذي استطاع بذكائه أن يُجبر خصومه في الإدارة على إتباع نهجه .. كي يتمكن من رفع يده بإشارته المشهورة «v» كي يقول للقاصي والداني أنظروا إليهم ؟! .. إنهم يلهثون ورائي ! .. ألم أقل لكم منذ زمنٍ بعيد أن العالم قد تغير ! .. وأنني على حقّ ! .. وكل شيء أصبح قيّد البيع والشراء.
أخونا الكابتن عزت حمزة .. دخل حلبة السباق بقوة .. وإرتدى زيّ «ميركل» عاشقة فريقه المُفضل .. لم ينسَ إرتداء حذائه الخفيف .. وراح يركض بكل قوّة .. بسرعة تفوق سرعة «بن جونسون» .. لعلّه يُفلح في اللحاق بالزعيم .. وصديقنا الآخر المهندس الذي خُلق للإعمار والتعمير .. تخلى عن مهنته الجميلة .. وراح هو الآخر .. بعد أن إرتدى زيّه الأزرق .. تيمُناً بفريقه المُفضل «إيتاليا» .. ينطلق بسرعة تفوق سرعة الجمايكي «بولت».
إفتُتح البازار .. الرئيس يتنحى جانباً .. يُحرك إصبعيه بطريقته المُفضلة .. يقول لقد إنتصرت .. الكلّ يتبعُني .. لا حاجة لستّة هنا .. أو خمسة هُناك .. فالأحد عشر كوكباً يهرولون معاً في مضمار السباق .. فالطبّة توحدهم .. آه .. ما أجملها من لحظة .. لقد تحقق الحُلّم لا شيء أهم من الطُبّة .. لقد هزمتُ أعدائي .. وبالضربة القاضية .. وإندثرت مدرسة «صُنع في الوحدات» .. لا داعي للتعب .. لا وقت لدي فأشغالي كثيرة .. والزحام يُلاحقُني .. ولا ضرورة لإزعاجي وأنا في طريقي الى جنوب أفريقيا لمشاهدة مباريات «الأربعة الكبار» .. ليتهم يتبعوني الى هُناك .. لنستمتع معاً .. لا شيء يُضاهي المُتعة .. صحيح أن فريقي المُفضل الأرجنتين خرج من السباق .. لكن ذلك لا يعني عدم رغبتي بتلك الممارسة  .. فالمتعة هي الأهم .. فإذا لم تتوفر البيضاء ؟! .. فالسوداء ربما تفي بالغرض .. ولعلّها تكون أكثر إثارة .. فالبضائع تملأ الأسواق .. فنحن في زمن العولمة .. هاتف واحد .. تأتيك الجواري والحسان من كل صوب .. التلويح ببضعة دولارات .. فتنهار القيم ؟!
الوحدات لم يعد كما كان مصنعاً للنجوم والكفاءات .. رياضيين .. كُتاب .. مفكرين .. دُفع نحو الهاوية بفضل هؤلاء القوم .. نادي اليرموك .. أصبح الآن صانع النجوم .. رياضيين .. وغيرهم .. من كل الفئات .. شفيع .. أبو طعيمة .. البرغوثي .. وآخرين .. كل هؤلاء «صنع في نادي اليرموك» .. لقد مات الوحدات .. لم يعد هو المعجزة .. لقد أصبح قوة شرائية فحسب.
حالة التبضُع .. هذه .. التي نعيشها الآن .. تُعيدني الى عُصورٍ خلت .. «عصر الجاهلية» .. في تلك الحُقبة من الزمن .. كان الأعراب يعيشون قبائل شتى مُتناثرة على أطراف الصحراء .. منهم من يسكُن مكّة .. وآخرون يستوطنون الأطراف .. بحُكم منزلتهم الإجتماعية المُتدنية .. فهم من العامّة المُهمّشون .. لا قيمة إجتماعية لهم .. عكس الأشراف ؟! .. المتباهين بكرمهم وسخائهم وشجاعتهم وإقدامهم .. فالمُهمّشون يعانون المرارة من معاملة أسيادهم الدونية .. وكي يتخلّصوا من واقعهم «المُذّل» ما عليهم إلا أن يرتقوا السلّم الإجتماعي .. ذلك بتحسين نسلهم .. أما كيف .. فبالتبضُّع .. راحت تلك القبائل الدونية تطلب وتُلح من نسائهم الذهاب الى الأسواق .. للتبضُّع بغلامٍ من نسلٍ عريق ومعروف .. من علّية القوم .. لعلّ في ذلك ما يحسن نسلهم ويُقدّمهم على درجات السُلّم الإجتماعي .. (والتبضُّع .. أن تذهب إمرأة ما .. لرجل ما .. من أصول معروفة .. فتمنحهُ جسدها في فراش المُتعة .. بغيّة إنجاب ذلك الطفل ؟!).
] فهل أصبح نادي الوحدات .. هدفاً للتبضُّع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «680»     التاريخ : 6/7/2010     سامي السيد

تزييف الواقع ؟!







كغيري من عباد الله .. أشاهد هذه الأيام بطولة أوروبا لكرة القدم .. هذه البطولة التي تزخر بالنجوم الكبار الموهوبين .. تُقدم جيلاً صاعداً .. يسعى بكل جهد إلى أخذ مكانه اللائق بين أقرانه من النجوم .. منتخبات قوية وعريقة .. تتصارع كي تحافظ على الصدارة .. لتنال شرف البطولة لبلادها .. هذه المنتخبات تقدم لنا في كل يوم دروساً جديدة.. وعبراً ذات مغزىً كبيراً..
اللافت في هذه البطولة .. منهجية وسلوك الحكام .. فتجد الواحد منهم يخضع سلفاً لتأثير الكبار .. أمثال فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا .. هذه المنتخبات التي حققت سابقاً وبجدارة كأس العالم .. وحقق أغلبها كذلك بطولات الأمم الأوروبية .. أكثر من مرة.
نحن في معرض قراءتنا لما يجري على أرض الواقع .. ليس في وسعنا تعميم وخلط الأوراق .. حيث نكيل الإتهام لكل الحكام بالوقوع في هذا الشرك .. فهناك العديد من الحكام وهم الأغلبية لا تفرق بين كبير كان أم صغير .. فالميدان هو الفيصل .. والأجدر من يستحق الفوز .. فالشفافية والنزاهة هي الأصل في المنافسات الرياضية ..
بالصدفة كنت أتابع مباراة فريق ألمانيا العريق .. وفريق لاتفيا المغمور .. هذه المباراة إنتهت بدون أهداف .. وللحقيقة فإن الفريق الألماني أظهر عجزاً واضحاً وظل يلهث طوال المباراة .. لعله يفلت من هزيمة منّكرة .. وتحقق له ذلك بالفعل بمساعدة ظاهرة وواضحة ملأت الأسماع والأبصار .. من الحكم الإنجليزي الذي مارس إنحيازه بشكل لافت .. وتغاضى عن ثلاث ضربات جزاء واضحة .. كانت كافية لصعق الفريق الألماني وإعادته إلى بلاده على الفور ..
هذا «الحكم» .. لازال يعاني من عقدة التمييز بين الأمم .. فألمانيا كإنجلترا وفرنسا أممٌ كبيرة.. مهيمنة على أوروبا .. تاريخياً وثقافياً ورياضياً .. والحكم لا زال يعيش هذا الهاجس .. ولا يتقبل أن أمماً قد تشكلت حديثاً ومنذ عقد من الزمن .. تقف على قدر المساواة مع تلك الأمم المهيمنة ..
ما يحدث في عالم «الفطبول» .. لا يختلف كثيراً عما يدور في الحياة .. فنحن نعيش في ملعب كبير .. نتقاذف الكرة .. نتقاذف الإتهامات جزافاً .. نزور الواقع والوقائع .. كل حسب جهده .. والدعم المقدم له .. من علْية القوم .. النافذين .. الجماهير .. البسطاء .. العامة .. المثقفين .. الجهله .. الجميع يبذل قصارى جهده .. ليحجز له مكاناً لائقاً في الصفوف .. لا أن يجتر الماضي .. في محاولة يائسة للتعويض عن فقدان الواقع ..
عالم اليوم زاخر بالعراك .. والخيارات .. ولكل ملعبه وخياره .. تبعاً لمصالحه وإهتماماته .. وعلى الناس أن يدفعوا ثمن خياراتهم ..


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «375»     التاريخ : 22/6/2004     سامي السيد

ديسكو .. ونهر مقدس ..

 


ترتبط الهند في أذهان الكثيرين بأنها تتشكل من قطعان الشحادين والفيلة وأفاعي الكوبرا .. وتتعمق الصورة في ذاكرتهم أن جموع الهنود أناس لا يحسنون إلا الرقص والغناء والتمتع بمشاهدة أفلامهم الطويلة المنتجة في بوليود .. هذا الانطباع السائد في الذاكرة الجمعية للشعب العربي وربما لشعوب أخرى ..
القلة القليلة التي تعرف تاريخ الهند وعظمة الشعب الهندي وعطائه للحضارة الإنسانية قديماً .. والأقل الذين يؤمنون أن الهند قوة كونية صاعدة وجدت طريقها نحو الشمس لا بفعل القنابل النووية .. ولا بمدى الصواريخ العابرة للقارات التي تمتلكها من إبداع أبنائها ..
لم تُدفع مليارات «اليورو» لساركوزي لشراء بضعة طائرات .. ولم يدفع الهنود لجورج بوش الحاويات المحملة بالدولارات .. رشاوي .. لنيل رضا العم سام .. لشراء خردة الصناعات الأمريكية .. الهنود يصنعون كل شيء .. من الإبرة وحتى القنبلة النووية ..
الأسواق ممتلئة عن بكرة أبيها بالبضاعة الهندية ولا يموت الناس في  طوابير الخبز .. شوارع كلكتا تملؤها الحياة والصخب.
الهند الكبرى .. متنوعة اللغات والأعراق .. الهندوس .. والمسلمون .. والسيخ .. والبوذيون .. والمسيحيون .. والعشرات من الطوائف والأعراق والأديان .. تتعايش في نسيج اجتماعي مذهل .. يكاد يكون استثناء في هذا العالم .. صحيح أن هناك بعض المنغصات قد تحدث هنا أو هناك وفي فترات زمنية متباعدة .. ولكن الأصل أن الهنود أمة متحدة ومتحابة .. وإلا لما استطاعت أن تكون بهذه القوة والمنعة .. فالهند لا تحكم بالحديد والنار .. ولا ببساطير العسكر .. ولا بالأحكام العرفية .. بل تقاد عبر صناديق الاقتراع .. عبر الديمقراطية .. رغم التنوع في العرق والجنس والدين ..
لم يتخل الهنود عن تراثهم ولا عن تقاليدهم ولا عن ثقافتهم .. وبقيت الطبقات الوسطى محافظة على ذاتها وفق التقاليد والثقافة الهندية الراسخة .. لا زال الهندي يرتدي ملابسه التقليدية وكذلك المرأة .. ويذهبون إلى العمل بتلك الملابس غير آبهين بكل التقاليد والصرعات الغربية ..
في الهند الملايين الذين يذهبون إلى النهر المقدس .. يحملون آلهتهم المزينة بكافة (الدناديش والشراشيب التقليدية الملونة) ويطوفون بها في طقوس غريبة .. تصيب المشاهد بالدهشة .. ثم يلقونها في النهر المقدس تقرباً للرب كي يرزقهم ويحفظهم من كل سوء ..
في الهند أيضاً مراقص وملاهي وديسكوهات لمن يرغب .. وعلى الطريقة الغربية .. ولكن القلة القليلة التي تذهب هناك والغالبية العظمى تشدها عراقة الهند وحضارتها وتاريخها .. والنظره الى المستقبل.
في الطريق إلى الهند قضينا ليلتنا في أكبر ديسكو في العالم .. بائعات الهوى من كل حدب وصوب .. يملأن الطرقات .. من كل الأجناس والألوان يُساومْن المارة بلا حسيب أو رقيب .. شوارع خلفية .. شوارع سفلية.. عندما نسأل ما هذا الذي نراه .. وما هذا الذي نسمعه .. يقولون .. إنها الحضارة .. إنها دبي .. وعلى المرء أن يختار.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «569»     التاريخ : 22/4/2008     سامي السيد

خارج النص







بانتهاء الموسم المنصرم .. والذي تمكن فريق الوحدات من حسم بطولة الدوري بدون أي خسارة محققاً أرقاماً قياسية في سجل بطولة الدوري .. مباراتان فقط يستطيع فريق الوحدات بعدهما أن يحتفظ ببطولة الدوري للمرة الثانية على التوالي والعاشرة في تاريخه .. بسجل جيد من الأرقام .. فمنذ أن جاء (الكابتن) محمد عمر وهو ينتقل بالفريق من مرحلة إلى أخرى صعوداً .. خطوة تلو الأخرى ونصل إلى المشهد الختامي لبطولة كأس الأردن .. كل ما نحتاج إليه أن تتضافر الجهود من قبل الإدارة .. وأن ينال فريق كرة القدم مزيداً من الاهتمام من رئيس ومجلس الإدارة لتحفيزه من الناحيتين المعنوية والمادية للوصول إلى مراد الجميع .. جمهوراً وإدارة ولاعبين ..
رغم كل العراقيل التي وضعت في طريق الرجل وجهازه الفني إلا أن (الكابتن) يحب الفريق والوحدات .. النادي وجمهوره الكبير ..
نشد على يدي محمد عمر ونطالبه هو وفريقه بمزيد من الترابط واليقظة .. (فاللقمة باتت في الفم) .. ويجب أن نشد عليها بالنواجذ ..  (محمد عمر بدنا الدوري وبدنا الكأس) ..
تسديد الاشتراكات ..
توصلت القوى الخيرة في نادي الوحدات إلى وضع وثيقة شرف تضمن مناخاً ديمقراطياً، وتحافظ على حق العضو في تسديد اشتراكاته بكل سهولة دون ملاحقة أو محاسبة لموقفه من الإدارة أو القوى المسيطرة .. سواء أكان مسانداً لها أو مناوئاً ..فحقه مضمون ومصان ولا يجوز المساس به بأي حال من الأحوال ومهما كانت الظروف . هذه حقيقة .. وضعت على الورق .. ووقع عليها أعضاء الإدارة دون استثناء في اجتماع رسمي .. ولم تبق كأي وثيقة أخرى حبراً على ورق بل نفذت بالكامل ..
أكثر من ثلاثة آلاف عضو سددوا اشتراكاتهم حتى الآن سواء كان التسديد فردياًَ أو ضمن قوائم .. الجميع سدد .. لم يتقيد المدير المالي بيومين للتسديد في الأسبوع بل فتح باب التسديد على مصراعيه .. لكل من يرغب في التسديد .. المهم أن يكون يحمل المبلغ المطلوب دون تسويف أو مواربة أو مماطلة في انتظار أن يفوز بتسديد عن عضويته من هذا أو ذاك ..
ومع ذلك لم تسلم الإدارة ولا المدير المالي من النقد والافتراء وكأن المطلوب من المدير المالي أن يتحول إلى (جابي) يذهب إلى بيوت الاعضاء لتحصيل اشتراكاتهم .. المطلوب من الأعضاء أن ينظروا إلى ما تحقق بهذا الشأن بعيداً عن التعصب والحقد والكراهية والمحسوبية.
سمعت
أحدى المعارك التي خاضها نابليون .. وواجه خلالها متاعب شديدة .. مما إضطره لتقديم رشاوي الى بعض قادة الجيش الخصم .. وبعد أن حسمت المعركة لصالح نابليون وجيشه .. أُقيم حفل لتكريم قادة الفرق والألوية لتقليدهم الأوسمة والنياشين .. جاء نابليون الى الحفل ليقلد ضباط وقادة الجيش .. فكان هناك عدداً من القادة والضباط المتعاونين معه «الخونة» .. فإصطف الجميع تباعاً للقاء نابليون .. ليمنح ضباطه الأوسمة ويشد على أياديهم لإنجازهم الكبير .. ولما اتى الدور على المتعاونين .. راح نابليون يناول لكل واحد منهم كيساً من المال .. رافضاً مصافحتهم .. ولسان حاله يقول .. (لهؤلاء القادة والضباط الإحترام والأوسمة والنياشين .. أما أنتم فلكم المال والمال فقط).




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «565»     التاريخ : 25/3/2008     سامي السيد

خيار المقاومة

 


كنت والدكتور فهد البياري نشارك جماهير عريضة في المسيرة التي نظمتها النقابات المهنية والقوى السياسية والتي شارك فيها نادي الوحدات اسوة ببقية مؤسسات المجتمع المدني الاردني، وقد لاحظت ان زميلي الدكتور فهد يدمع بصمت، فسألته: لماذا؟ قال: افكر ما الذي يمكن ان يفعله الدم في مواجهة البارود.. الا يكفي هذا ليهز مشاعري؟!
قلت: الدم اقوى من السيف والضحية اشد مراسا من الجلاد، وسوف نرى.
اكملت المسيرة طريقها.. امام مبنى مجلس النواب.. اجرى فهد البياري مقابلة سريعة مع الـ L.B.C. قال فيها: ان الكيان الصهيوني كيان طارىء وان الاصل هو الشعب الفلسطيني ولا بد ان يكون ذلك اليوم الذي ينتزع فيه حقوقه بقريب..
عدنا الى نادي الوحدات.. جلسنا نتحاور، قلت: لنأخذ مثلا كيف ان الدم اقوى من السيف وتناولنا الحالة الهندية.. الشعب الهندي توفرت له قيادة عظيمة.. مارست العصيان المدني السياسي ضد المحتل الانجليزي حتى اجبرته على الرحيل.. موازين القوى كانت مختلة لمصلحة الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.. ومع ذلك حملت عصاها ورحلت..
المهم هنا وقبل كل شيء.. قبل الامكانات .. قبل السلاح.. الارادة السياسية والقيادة التي تتمسك بخيارات المقاومة.
وسقنا مثلا آخر .. الشعب الفيتنامي.. فلاحون فقراء لا يملكون حتى قوت يومهم.. مرغوا الشرف العسكري الاميركي في ادغال فيتنام واجبروهم على الرحيل مذمومين مدحورين.
واليوم.. وبعد مرور ثلاثة اشهر على اشتعال الانتفاضة.. اثبت الدم الفلسطيني انه اقوى من السيف.. التجمع الاستيطاني الصهيوني يعيش حالة من الهلع والتفكك والخلافات.. الولايات المتحدة بقيادة كلينتون نفسه تسارع لانقاذ هذا الكيان.. تبحث له عن حل.
الدم الفلسطيني قلب الطاولة واسقط مقترحات كامب ديفيد.. وتقدمت الادارة الاميركية باقتراحات اعلى بكثير من مقترحات كامب ديفيد.. بفضل الدم وقوة الحجر.
هذه هي الحقيقة.. وهذا هو الطرح الواقعي.. الانتفاضة ينبغي ان تستمر لانها الخيار الوحيد لانتزاع حقوقنا.
يقول نيسلون مانديلا: «يجب ان تكون لدينا القدرة على التسامح».
ويقول جون كيندي: «اغفر ... ولكن لا تنسى».
ونحن نقول: «لن تكون لدينا القدرة على التسامح ولا الغفران..».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «223»     التاريخ : 26/12/2000     سامي السيد