السبت، 23 أكتوبر 2010

إنتحار رائد فضاء



الولايات المتحدة الأميركية .. قوة سياسية .. وعسكرية .. وإقتصادية عملاقة ولا يشق لها غبار .. واجهت طوال نصف قرن او يزيد تحديات كبير هنا وهناك .. تارة من ألمانيا الهتلرية ودول الإستعمار القديم .. وتارة أخرى من الإتحاد السوفياتي ودول المنظومة الإشتراكية التي كانت تسعى لتغيير البنية السياسية والإجتماعية والإقتصادية للعالم ..
وفي كل الأحوال والحالات أفلحت الولايات المتحدة في حسم الصراع لصالحها .. وبحكم تتداولها للسلطة بين الحزبين الكبيرين (الجمهوري والديمقراطي) .. فقد صعد إلى سدة الرئاسة خلال فترات مختلفة من تاريخها قادة وزعماء أقوياء .. وخلاقون وأحياناً أخرى صعد قادة من «البلطجة» و«الزعران» ..
ومهما يكن من أمر .. وفي كل الحالات .. كان العالم يخضع خضوعاً كاملاً لمنطق الأقوى .. ويتقبل هذه الزعامة على مضض دون أن يحرك ساكناً .. وكان الإعلام المهيمن عليه أميركيا .. يضخ المعلومات والتحليلات التي تصنع من هؤلاء القادة «الزعران» و«البلطجية» .. وتحولهم إلى قادة وزعماء فاتحين .. ملهمين .. حكماء .. بل أكثر من ذلك إعتاد العالم على نفاقهم .. وطلب «الستر» منهم ..
تجسدت هذه الحالة في السنوات الثلاث الأخيرة .. وتركت بصمات واضحة .. فما على الولايات المتحدة إلا ان تطلب .. وليس على العالم .. إلا ان يستجيب ..
كل هذا تحقق لهؤلاء القادة المشار إليهم بفعل جبروت .. وقوة أوطانهم الكبيرة التي تستطيع ان تنجب زعماء وقادة عظام بحكم قوة البلاد وقدراتها ..
هذا على صعيد الدول .. اما على صعيد الجماعات .. والأفراد .. والمؤسسات .. فللزعامة مقومات وشروط .. منها الحضور الشخصي .. قوة المال .. قوة العزوة .. أو قوة العشيرة أو المريدين .. أو الحزب .. أو الجماعة ..
ولا يستطيع أي كان مهما عظمت مواهبه ان يتصدى طويلاً للزعامة بدون المقومات تلك التي أشرنا إليها إلا في ظروف إستثنائية يسود ويطغى فيها منطق الناس والجماهير ولعل هذا بحد ذاته نادر الحدوث ..
الأوطان المصطنعة والصغيرة والأحزاب الصغيرة والجماعات الصغيرة تحظى أحياناً بقادة ملهمين وعمالقة وأسوياء .. لكنهم لا يستطيعون إبراز مواهبهم وقدراتهم بحكم أنهم لا يستندون إلى قوة دافعة او رافعة تمكنهم من تصدر الأحداث رغم ما يمتلكونه من إمكانيات وقدرات ومواهب كبيرة ..
أحياناً يظهر هنا وهناك زعماء وقادة لديهم طموحات تفوق القدرات المتوفرة يحاولون تجاوز هذه القاعدة لأنهم يعتقدون في دواخلهم ان لهم الحق والإمكانية والشرعية لتحقيق ذلك .. ولحظتئذ يقومون بوضع العصي في الدواليب للإعاقة والعرقلة .. الأمر الذي يدفعهم للقيام بسلسلة من الإجراءات القاسية والإستثنائية وغير المشروعة .. تنجح أحيانا ولكن سرعان ما تتكشف ويطيح بأصحابها نحو الهاوية.
وبحكم الواقع .. إنتحر رائد الفضاء لأن الأحلام الكبيرة لا تنجز بطريقة خسيسة ولأن الأوطان المصطنعة الصغيرة لا تنجب القادة العظام!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «326»     التاريخ : 1/7/2003     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق