السبت، 23 أكتوبر 2010

نحو الهاوية !!



من يتفحص صيرورة الحياة ومسار التاريخ يكتشف دون كبير عناء أن الكائنات الحية التي إستوطنت الأرض لا تقوى على الحياة ولا يكتب لها التطور والنماء إلا وفق قانون «الجماعات» .. ففي البدايات حاول الإنسان الأول وفق ميوله .. وإنعدام التجربة .. وفي غياب منظومة إجتماعية واضحة ومحددة .. أن يعيش معتمداً على ذاته وحسب .. الأمر الذي عرّضه للهلاك في أغلب الأحيان ..
وبحكم قانون التطور والتجربة .. سرعان ما إكتشف الإنسان أن أفضل وسيلة لضمان بقاءه وإستمراره لمواجهة الطبيعة ومقارعة الكائنات المحيطة به وخاصة المتوحشة منها .. هي الإنخراط في جماعات يرتبط معها بحاجات مشتركة وبمفاهيم واضحة .. بغية تطويع الظروف والبيئة بكل ما تزخر به من تحديات ومخاطر.
وشيئاً فشيئاً تطورت الحياة وتشكلت فيها وخلالها كيانات إجتماعية عُرفت بالمجتمعات البدائية، وبسبب ضغط الحاجة وبهدف تطويع الطبيعة على نحو أشمل لتصبح طيعة وسهلة لخدمة الإنسان تطورت هذه الجماعات لتغدو كيانات إجتماعية وسياسية كبرى تعيش على مساحات محددة وواضحة من الأرض تربطها منظومة علاقات لها أهداف مشتركة تسعى من خلالها إلى تطوير أوضاعها على نحو أفضل.
وبحكم قانون التطور كان لا بد وأن تنموا داخل هذه الكيانات والمجتمعات طلائع ونخب تشكل تياراً فكرياً وسياسياً وإجتماعياً رائداً يأخذ على عاتقه قيادة المجتمع نحو الأهداف المرسومة والمتفق عليها.
في بعض الأحيان تبرز داخل هذه الكيانات حالات فردية «أشخاص» لهم أحلامهم وطموحاتهم الخاصة، يمتلكون سمات ومزايا متقدمة ويحملون أفكاراً وطموحات كبيرة، ربما تكون مجدية ومفيدة لكنها تفتقر إلى منطق الجماعة وأحلامها وأمانيها، مما يجعلها محض أحلام شخصية لا تقدم في الأمر شيئاً.
وبحكم احساس هؤلاء الأفراد بالعظمة والتفوق ولتدني قدرتهم على إستقطاب الناس حول برامجهم الشخصية، ولعدم قدرتهم على ربط مصالح الجماعة مع أحلامهم الذاتية، عادة ما يصابون بالخيبة والإحباط ويتحولون إلى جماعة من الأباطرة والمتسلطين الذين يعيشون في الخيال والأوهام ..فينساقون إلى  ممارسة القمع والقهر بحق الآخرين .. يتطفلون على حقوق الناس وعلى قناعاتهم بما في ذلك حقهم المشروع في إختيار إنتمائهم ومن يمثلهم ويقودهم نحو المستقبل.
ولأن الأحلام الشخصية تفقد قيمتها حين لا تعبر عن هموم وأحلام وطموحات الجماعة، فإنها تظل دائمة التعرض للسقوط إلى القاع عند أي إهتزاز مهما كان بسيطاً.
ومهما يكن من أمر فإن الأحلام الشخصية المنغرسة في رؤوس أصحابها والتي تعجز عن الفعل والتفاعل مع الآخرين وتلبي حاجاتهم وأهدافهم، تتحول إلى مجرد نظريات سطحية غير قابلة للتحقيق، تملأ جدران المكتبات، ذلك ان عدم الإيمان بالجماعة والبحث عن أتباع، والجنوح نحو الهيمنة والخوف من المجهول والعجز عن محاكاة وملامسة أحلام وطموحات الآخرين .. يؤدي بالضرورة إلى «الصعود» نحو الهاوية ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «328»     التاريخ : 15/7/2003     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق