السبت، 23 أكتوبر 2010

طغاة ولكن .. !!



لم أكن في يوم من الأيام مولعاً بنظام صدام حسين ..او الحزب الحاكم في العراق .. ذلك ان نزعتي الذاتية لا تتفق مع طبيعة تلك الأنظمة .. صحيح انني قومي .. وحتى النخاع .. وأعشق العرب والعروبة .. فمنذ بداياتي وللعراق مكانة خاصة في ذاكرتي ووجداني .. سواء أكان الحاكم في العراق دموياً او ديمقراطياً ..
أعرف واتابع منذ اكثر من عقدين المشكلات الكثيرة والكبيرة والمعقدة التي إختلق النظام جزأ منها .. بحكم طبيعته .. التعسفية والقمعية والدموية .. وإستدرجه خصومه الداخليين .. وأعدائه الخارجين إلى مشكلات أخرى أكثر تعقيداً وأشد خطورة آلت فيما بعد إلى ما نشهده اليوم من مآسٍ مروعة تملأ العراق طولاً وعرضاً ..
لقد واجه صدام حسين خصومه السياسيين بوحشية منقطعة النظير .. لكنه لم يكن في سلوكه إستثناءً .. فمعظمهم متورطون في ذلك .. بهذا القدر او ذاك ..
وعندما جرت محاولة إغتيال (عدي) قبل بضع سنوات .. لم يداهمني أي إحساس  بالشفقة أو الخسارة .. بل على العكس من ذلك .. كنت شامتاً وطامعاً في المزيد .. لكل الطغاة الذين أذاقونا الأمرين .. إذ ينبغي ان ينهلوا من ذات الكأس الذي ما إنفكوا يسكبنوه في أفواهنا وحلوقنا عنوة .. بكل قسوة وجبروت ..
غير ان الوضع بات مختلفاً اليوم .. فأميركا تحتل العراق وتهدد الجميع .. تنذرهم بأسوأ العواقب .. والويل والثبور .. وعظائم الأمور لكل من يخالف أوامر وتعليمات روما الجديدة .. الجميع يرتعد خوفاً أمام الطاغوت ..
صحيح انني أختلف مع نظام الحكم في العراق .. ومنذ أمد بعيد .. لكن الصحيح ايضاً انني لا أملك ولا أستطيع ان أقف محايداً أمام المحنة التي تجتاح العراقيين اليوم .. فالموقف الطبيعي والصحيح ان أكون مع أي عراقي .. وبصرف النظر عن ماضيه يواجه الإحتلال الأنجلوسكسوني ..
اسمع بين الفينة والاخرى قادة من الأكراد في الشمال وهم لا يرون عدواً إلا نظام صدام حسين .. فيهللون ويسبحون لقوات المحتل المعتدي .. واسمع كذلك قادة من الشيعة الذين يعتقدون انه لا يوجد خصمٌ أو شريرٌ على وجه البسيطة سوى حزب البعث .. ويطالبون بتصفيته وقتل قياداته وإجتثاث قاعدته من الوجود .. ولا يرون في الدبابات والطائرات وشواذ المارينز وعاهراته خطراً على أمن العراق وإستقلاله ..
من هذا المنطلق أجد نفسي منحازاً للمقاومين العراقيين بصرف النظر عمن يقودهم .. صدام حسين .. او غيره .. فهؤلاء هم من يصنع تاريخ ومستقبل العراق ..
لقد أغتيل أبناء صدام حسين (عدي وقصي) .. وحفيده مصطفى إبن الأربعة عشر ربيعاً .. فقضوا شهداء مقاتلين .. ولم ينتهوا كغيرهم نهاية ذليلة تثير الشفقة والإحتقار ..
لم يفروا ولم يغادروا ساحة المواجهة .. بل خاضوا معركة بطولية كبيرة بكل المعاني والمقاييس حين رفضوا المساومة على تاريخهم .. وتاريخ والدهم وتاريخ بلادهم ..
لقد بدت صورة أبناء صدام حسين مشرقة حين سجلت نموذجاً يحتذى في المواجهة مع العدو .. فقد أبوا ان يعيشوا أذلاء راكعين مطأطئي الرؤوس وبشكل مهين كما تمنى خصومهم .. بل أبطالاً قاوموا حتى الموت
لقد قاتلوا ببسالة نادرة .. كما يقاتل الرجال .. صحيح أن هؤلاء قد عاشوا ردحاً من الزمن طغاة .. ولكنهم قاتلوا وإستشهدوا كما الأبطال ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «330»     التاريخ : 29/7/2003     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق