الخميس، 21 أكتوبر 2010

مخيم .. الشهداء



تنحرف الطريق قليلا الى الجنوب من جبل النار.. على طرفها يستلقي مخيم بلاطة.. صامداً وادعا .. واعداً شاسعا.
قبل خمسين سنة.. افرزته النكبة.. اختار من سفح جرزيم مسكنا له.. في مواجهته يشمخ عيبال.. قلعة خرافية تطاول الغيم.. تتحدى التاريخ.. تعانده.
من حوله تنساب الملايين من زقزقات العصافير .. ينشد الناس «الغلابة» على انغامها.. لحن العودة.
ترسل الشمس على خيامه ضياءها كل يوم.. تُلقي عليه تحية الصباح.. وبعد بُرهة تصل نابلس.
على النهج ذاته نما.. مثل غيره من مخيمات الشتات.. الجلزون وجباليا.. عين الحلوة واليرموك.. الفارعة والوحدات..
كلها ترفع الراية.. تعض بالنواجذ على تلابيب الهوية.. تحافظ على معالم القضية.
اهلها سكنوا الخيام.. مدارسها كانت خياما.. ومساجدها خيام.
طقوسهم في ازقتها واحدة.. تفرد الهموم اجنحتها على فضاءاتهم بنفس المساحة.. اطفالهم يرتدون نفس الثياب.. يمشون في الشتاء على نفس الطين.. يتذوقون طعم الفلافل.. نفسه.
مخيم بلاطة.. لم يستسلم يوما للطغاة.. تسموا اماني ابنائه الطيبين فوق الاعتبارات .. انهم لا يتوقفون عن حقهم.. في الحلم.
احاطه الصهاينة باسلاك شائكة عالية.. ولم يسلموا من ازيز حجارته.
فتحوا النار مراراً على صدره العاري.. انتزع رصاصهم الغادر نفراً من خيرة شبابه واطفاله.. لكنهم لم ينتزعوا منه روح الاصرار على الكفاح.. والفداء.
قوافل الشهداء «البلاطيين» لم تتوقف.. تزغرد ارواحهم شوقا للموت.. تتحفز دماؤهم دوما لتروي ثرى الوطن.
في يوم الارض.. درج اربعة منهم على درب الشهادة .. ابن يافا والجماسين.. ابن كفرعانة وطيرة دندن.. كلهم اعلوا اللواء.. على بوابة المخيم الثائر.






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «235»     التاريخ : 3/4/2001     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق