الجمعة، 29 أكتوبر 2010

قنينة وثلاثة وجوه !!







بعد الاجتياح الاسرائيلي لجنوبي لبنان صيف عام 2891 وهجرة المقاومة الفلسطينية الى المنافي.. أقر على عجل اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، حزمت امري على السفر بعد ان تسلّمتُ رقعة الدعوة.. في الطائرة التي انطلقت من عمان الى روما كان الامر عادياً.. هبطت الطائرة في مطار روما الواسع الشاسع ثم انتقلنا الى طائرة اخرى كانت على وشك الاقلاع الى الجزائر العاصمة..
في الطائرة.. وما ان اخذنا اماكننا على المقاعد حتى راحت المضيفات يقمن بواجب الضيافة.. قبل ان يتولى احد المضيفين عرض بضائعه كالعادة من سجائر اجنبية.. وقوارير متعددة الالوان والانواع والاحجام.. حيث هرع «البعض» لشراء حاجاته مما عرض.. لم يرق لي الامر.
بعد انفضاض اعمال المجلس غادرنا الى تونس.. كان الوقت ليلا.. من المطار انتقلنا الى مقر رئيس اللجنة التنفيذية.. كنا مجموعة مختلفة الاتجاهات والاهواء والمواقف.. «الحراس» كان اغلبهم من «الوحدات»، كبيرهم صديق قديم لي وعلى صلة معي.. فجأة سمعتُ ضجيجا. سألتُ ما الامر؟ قالوا: احدهم يحمل «قنينة» في مقر الرئاسة!!.. استطلعتُ الامر.. ربما بدافع الفضول.. فتيقنت ان شخصا اعرفه هو صاحب العلاقة.. ويتعرض الى تعنيف وتوبيخ شديدين.. يكاديصل حد استخدام الايدي وربما غيرها في مواجهته!!.. تدخلتُ محاولا انهاء الموقف.. صودرت «القنينة».. ترك الرجل وشأنه.. رمقته بنظرة لا تخلو من ازدراء.. ثم قفلتُ عائداً الى حيث كنت، ما لبثت ان غادرت المكان.
٭٭٭
مؤخراً واثناء عودتي من زيارة الى دمشق .. وعلى الحدود وقف رجال الجمارك يفتشون السيارة كعادتهم علّهم يعثرون على حاجيات تتسوجب «الجمركة».. لكنهم اخفقوا.. سجّل رجل الجمارك على ورقة خاصة.. تفاح .. حلويات.. زجاجة ويسكي.
ذهب مرافقي لكي يختم الورقة من المسؤول.. كان الرجل متدينا.. أسمعَ المرافق كلاماً قاسيا فيه ما يكفي وربما يزيد عن التوبيخ.. ولكن بأدب جم وبأسلوب سلس؟!... اشار بإصبعه الى شخص بعينه وهو ثالثنا وقال: تبهدلت من وراء هذا .. وقنينته!!
٭٭٭
في الطريق الى صنعاء.. وقبل ان نغادر مطار الملكة علياء الدولي... صاح بي أحدهم قائلا: ماذا تحمل في حقيبتك: «وسكي» ، قلتُ باستخفاف : انا لا احمل مثل هذه الأشياء.. انا لا اشتغل هذه «الشغلة»!!.. قال : بوسعك ان تشتريها وانا اشربها!!..
لم اعلق.. انتابي شعور بالتقزز.. اقلعت الطائرة.. هبطنا بمطار صنعاء.. اثناء توجهنا الى طائرة اخرى كي تنقلنا الى «المكلا» بحضرموت سارت حقائبنا عبر شريط من اعمال التفتيش... توقف احد الضباط امام «قنينة» بعينها ملفوفة بكيس بلاستيكي مزركش.. قال بعد ان كشف المستور عنها: لمن هذه؟! قال احدهم بعد تردد: انها لي .. احس بالحرج وطأطأ .. راح الضابط يُسمعُ صاحب القنينة كلاما قاسياً جارحاً.. بعد ان تأكد انه رجل مسلم.. وبعد جدل حاد اخذ الضابط «القنينة» وافرغ ما بها في جوف «المرحاض» .. رمقتُ صاحب القنينة بنظرة فيها كل شماتة وإزدراء الدنيا!!..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «265»     التاريخ : 30/10/2001     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق