صاحبنا رجل فاضل محترم .. ولا يختلف على ذلك إثنان .. فالرجل من وسط برجوازي والحمد لله .. ويعيش في عمان الجميلة المترفة .. ويملك فيلا فخمة تطل على الفضاء ويأتيها الهواء الغربي من كل إتجاه .. وعلى مدار الساعة .. ولا شك أن صاحبنا يعيش البحبوحة الاقتصادية والاجتماعية. فالسفر الى بلاد الله الواسعة مهنته المفضلة.. فباريس وبيروت..وبانكوك مدن اليفة وداجنة بالنسبة له.. فقد ورث المال عن أبيه الذي مازال حياً يرزق.. حيث منحه الجاه والحياة .. فالسيارات الجميلة والمتنوعة متوفرة.. ولله الحمد .. أما الشركة التي يديرها فهي من المؤسسات الكبرى في بلدنا العزيز .. كل هذا لم يشكل عائقاً أمام اندفاع صاحبنا نحو مواقع الناس العاديين .. فبادر وإنغمس مع الجماهير الكادحة في بوتقة واحدة .. تعلم أساليبنا.. ومناوراتنا.. وصفقاتنا.. ومواطن قوتنا.. وكوامن ضعفنا.. واسباب فرحنا.. وحزننا.. حتى خيل إلينا أنه قد اصبح منا والينا.. «إبن مخيم قح»..
ومع ذلك.. وبين حين وآخر.. وكلما داهمتنا الأهوال.. كان صاحبنا ينتحي جانباً .. فبتنا نحسب أنه يحتاج إلى مزيد من التطبع بطباعنا.. وأن الوقت كفيل بجعله جزءاً لا يتجزأ من حالتنا ..
كنا نناقشه .. نحاول معه .. نؤشر وفق قناعتنا إلى ما نعتقد انه الصواب ..وكان يتظاهر انه قد اقتنع بهذه المسألة او تلك. وفي كل مرة كان يدير لنا ظهر المجن..وتكررت المحاولات ..الواحدة تلو الاخرى.. وفي كل مرة نعتقد انه ما زال يحتاج الى المزيد.. وظل يتصرف كأنه يدير شركته الخاصة .. دون الالتفات الى نصائح الاخرين.. حتى اختلط الحابل بالنابل.
ظللنا نكن له الحب والتقدير.. وفي كل مرة يذهب فيها بعيداً نحاول جذبه بغية ضمه الى الصفوف ..
ولما تسلم مهمته الاخيرة في إدارة فريقنا الكروي.. خشينا عليه كثيراً ... نصحناه بالإبتعاد عن المهمة .. فهي معترك صعب.. ومحرقة .. أصر الرجل على مهمته واندفع نحوها.. عملنا ما بوسعنا لإنجاحه فهو يستحق النجاح ..
الجميع حاول مساعدته.. لم يرفض له طلب بخصوص مهمته .. بل على العكس .. فإن ما قدم له من تسهيلات لم تتاح لأحد من قبله.
ومع ذلك فقد فشل صاحبنا فشلاً ذريعاً .. لأنه تعامل مع هؤلاء القوم بطريقة جانبها الصواب .. إذ كان يعتقد أنه بالمال والمال وحده تنجز المهمات ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «376» التاريخ : 27/4/2004 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق