إنطلقت صافرة البداية .. واستجاب المرشحون لذلك كل حسب حاجته وإمكانياته وأغراضه وأهدافه .. الكل إمتطى صهوة جواده وإمتشق سيفه الخشبي وراح يجري في صحاري الوهمِ .. والوهَن .. ملوحاً.
الميادين والساحات والحدائق والطُرقات إمتلأت بالشعارات .. لم تخلُ حتى الشُجيرات من صورهم ذات الإبتسامة المصطنعة .. أما شعاراتهم المتلألئة والمكلفة والمعدّة بآخر مبتكرات فنون الإعلان وعلى أجهزة الكمبيوتر المتطورة .. ربما يستفيد من تجربتنا الرائدة ديمقراطياً وإنتخابياً وتكنولوجياً فريق «باراك أوباما» في حملته القادمة لإنتخابات الكونغرس .. فشعاره المستهلك «نستطيع أن نفعل» أصبح بالياً .. قديماً .. متهالكاً .. رثّاً أمام شعاراتنا الرنانة.
«ليكون صوتك مدوياً» .. كيف سيكون مدوياً والجوع والفقر والهوان مخيم على البلاد .. فالفقراء يزدادون فقراً .. والأثرياء يزدادون غِنى .. والطبقة الوسطى تتآكل .. والجوعى والمقهورين والمضطهدين لا يقدرون على الصراخ .. فهل سيكون صوتنا مدوياً لمزيد من التطبيع والإستسلام.
ولماذا يكون الصوت مدوياً ؟ .. من أجل ماذا .. من أجل مزيد من الهوان والتبعية والخنوع للصهاينة والأمريكان وأتباعهم .. فالأمة ينخُرها الخراب .. الكذب والنفاق والزيف هي السّمة السائدة بين الحُكام والمحكومين.
ومع مَن سيكون صوتنا مدوياً ؟ .. للمديونية التي تجاوزت العشر مليارات .. للقطط السِمان .. لمكبلي الحريات المنتشرين في حياتنا كالهواء .. ماذا بوسعكم أن تفعلون .. فلوائح المجلس الأعلى للشباب المتخلّفة والغير موضوعية لم تستطيعوا طوال أربع سنوات أن تُغيروا حرفاً واحداً بها فماذا إذن أنتم فاعلون .. قُل لنا كيف .. ولماذا .. ومع مَن يكون صوتنا مدوياً.
«النساء عماد المستقبل» .. لقد ظنّ الرجل أنه إكتشف الفضاء في شعارهِ هذا .. هذا الشعار يصلُح لسوق عكاظ .. لا لحملة إنتخابية في القرن الحادي والعشرين .. «مش أحسن إلك لو تروح ترتّب شؤون شركتك ومقاولاتك وإذا زهقان من الشُغل روح بيع بندورة فالناس إشتهت البندورة لأنها مقطوعة وغالية الثمن».
«بدون شعارات» هذا الشعار أكثر الشعارات رومنسية .. فلك أن تتخيل ما تُريد من شعارات إن كانت سياسية أو غير ذلك ؟! فهذا من حقّك .. والمرشحة لا تحتاج الى شعارات فأرثها وما تُمثل إرثاً مجيداً ، مشهوداً له في ميادين الوغى ولا يحتاج الى شعارات.
أما صاحبُنا الدكتور وشعاره «الوطن وحقوقكم» يا سلام شعار إستثنائي وأهم من إكتشاف الكهرباء فلقد أصبحت بهذا الشعار تتساوي مع «إديسون» وربما تتفوق عليه .. ومن باب الإطمئنان نود أن نسألك ما هي هذه الحقوق سياسية .. إجتماعية .. إقتصادية.
أيها السادة : عندما هوْت وإنهارت إنتفاضات الكادحين في روسيا في عاميْ 1905 و 1907 و 1911 وعجز الحزب الشيوعي الروسي عن ممارسة نضاله وإيصال أفكاره بالطريقة المناسبة قرر «لينين» أن يُشارك في مجلس الدوما .. كان هناك تروتسكي .. وكاوستكي .. والمناشفه .. والبلاشفه عارضوا ذلك واشتدّ الصراع .. تساءلوا كيف نُشارك في مجلس رجعي أصر لينين على المشاركة لأنه يُريد منبراً لنشر أفكاره .. كان لديه برنامج يبدأ بالمشاركة في مجلس الدوما .. في عام 1917 تغيير الحالُ تماماً فهل أنتم كذلك .. لديكم برنامج .. تُريدون منبراً للتعبير عن برامجكم .. سؤال برسم الإجابة لماذا .. وكيف .. ومع مَن .. يكون صوتنا مدوياً ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «694» التاريخ : 19/10/2010 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق