قرأت مؤخراً أخباراً تتناول اوضاع السجينات الأمنيات المعتقلات في سجون الإحتلال الأميركي في العراق .. في سجن ابوغريب .. وغيره من السجون الكثيرة المنتشرة في العراق الآن .. اللواتي تعرضن الى الاغتصاب والاذلال الجنسي على ايدي المحققيين وحرس السجون الامريكيين وعملاء الـ (CIA).
وغداة انتشار فضيحة الممارسات السادية والشاذة للجنود الاميركيين في السجون .. ونشر الصور المفزعة والمقززة بحق المعتقلين والمعتقلات .. راحت ادارة بوش .. تعمل جاهدة على تهدئة الرأي العام العالمي .. والعربي .. والمحلي .. من خلال الافراج عن المئات من هؤلاء المعتقلين .. بغية مداراة الفضيحة المدوية .. ولملمة الموضوع الذي من الإستحالة بمكان إخفائه عن الرأي العام العالمي .. الذي عبّر عن حالة القرف والتقزز من الممارسات تلك ..
وإثر ذلك .. جرى الافراج عن العشرات من النساء المعتقلات .. اللواتي تعرض أغلبهن الى الإضطهاد والاعتداءات الجنسية .. وبعد عملية الإفراج تلك لم يستطع البعض منهن أن يحتملن قسوة الواقع .. فآثرن الانتحار .. تخلصاً من الواقع .. أو من عار مفترض لحق بهن .. والبعض الآخر من النساء المتماسكات .. المؤمنات بحقهن بالدفاع عن الوطن .. تفهمن الظروف التي أحاطت بهن والتي أدت الى الاساءة والاعتداء عليهن .. حيث تعرضن الى القتل دون ذنب .. على أيدي اقربائهن .. مسحاً للعار .. ولدواعي الشرف المزعوم ..
أي شرف هذا ؟! .. أن تُقتل إمرأة حملت السلاح .. وزرعت الالغام .. ونصبت الكمائن .. وأخفت المناضلين والسلاح في منزلها .. من أجل مقاومة الإحتلال الأميركي القذر ..
أي شرف هذا .. الذي تقتل فيه إمرأة .. حملت هم الوطن على كاهلها .. متقدمة على العشرات بل المئات من الرجال المتواطئين والمتقاعسين الذين آثروا .. السلامة .. والأمن .. والآمان ..
بأي حق تقتل إمرأة شريفة .. لا ذنب لها إلا أنها دافعت عن الوطن .. فدفعت ثمناً باهظاً من كرامتها الشخصية وإنسانيتها ..
لم تكن هؤلاء النسوة .. يعملن في الملاهي الليلية .. ولا في الحانات الفاجرة .. ولم يقدمن أي دعم مادي او معنوي للعدو الجاثم على بلادهنّ .. بل على العكس دافعن بضراوة عن قناعتهن .. دون النظر لما سوف يلحق بهن من أذى ..
نتساءل بدهشة .. وحيرة .. لماذا تُقتل إمرأة .. ولماذا تنتحر إمرأة .. تتصف بكل معاني الشجاعة والشرف .. لأنها تعرضت إلى الاغتصاب .. وهي تواجه العدو .. رغماً عنها .. فالرجال أيضاً تعرضوا لذلك العمل المشين .. هؤلاء الرجال وتلك النسوة .. يستحقون الأوسمة .. والنياشين بدلاً من إذلالهم وإزهاق أرواحهم .. هؤلاء يتمتعون بكرامة وشرف وفضيلة ومجد اكثر بكثير .. مما يتمتع به قادة ومسؤولون كبار في عالمنا العربي، الذين هم السبب في الكوراث والويلات التي حلت بهؤلاء ..
الذي يحدث للنساء العراقيات المناضلات .. والمعتقلات .. مهما بلغت قسوته .. لا يمثل إهانة شخصية .. او إنتقاصاً من كرامة .. بل على العكس يشكل وساماً على صدورهن .. وعلى صدر الأمة قاطبة ..
فما حدث لهن .. جراح مقاتل .. وهل يخجل المقاتل من جرحه .. مهما كانت هذه الجراح غائرةً ونازفةً وقاسيةً .. !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «372» التاريخ : 1/6/2004 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق