هاتفني أمس العزيز راكان محمود غاضباً .. منفعلاً .. مستفسراً إن كان تلميذ دايتون المفضل وإبن ديك شيني سيقوم بزيارة للوحدات النادي والمخيم .. وحمّلني مسؤولية ذلك إن حدث .. عندها رُحت أمازحه وأسخر من أقواله وأقوال بعض الناس الذين تحولوا بحكم النشأة والظروف الى جماعات من المخبرين والمفلسين.
صباح اليوم التالي هاتفني الأستاذ عزت حمزة وحدثته بما سمعت وما يُقال .. وأنا أتحاور مع محدثي على الهاتف كان مقصدي السخرية والتندُر من هؤلاء القوم المعروفين جيداً .. ومع ذلك .. غضب الرجل .. وتوعد إبن دايتون وقسى عليه بما لا أستطيع قوله .. هوّنت عليه الأمر وقلت له .. أنه هو المقصود والمستهدف بعينه ولا أحد سواه ، وأسمعته بما يقال عنه في مجالسهم وخلواتهم وإجتماعاتهم .. همهم .. توعد .. قائلاً أن القادم سوف يكون مختلفاً تماماً ..
ثمة أمر محيّر .. فإن كان هؤلاء القوم شرفاء وطنيين جداً فلماذا تعاملوا مع أوسلو .. بمقدماتها .. ونتائجها ؟ ولماذا يتقاضون حتى اللحظة .. مخصصات بألوف الدولارات وزوجاتهم .. وأبناؤهم .. وبناتهم أيضاً .. من الدول المانحة كونهم من الثوريين ؟ ولماذا اصطفوا إذاً بالمئات من الصباح الباكر أمام البنوك وقدموا لتلاميذ «ديك شيني» و«دايتون» أوراق اعتمادهم وأرقام حساباتهم في البنوك لتحويل مخصصاتهم من هِبَات المجتمع الدولي لخدمة أهدافهم وأفعالهم الثورية جداً ؟
نعرفهم منذ زمن بعيد .. في جلساتهم الليلية في زوايا المخيم وأزقته وعلى أطرافه ، عندما كانوا يثقّفون الملتحقين بصفوف تنظيماتهم ومن الدرس الأول كيفية تعاطي المشروبات والبحث في شؤون الله.
نعرفهم ونُمعن النظر بهم .. عندما كانوا يتأبطون ويثقّفون تلاميذهم الثوريين الجدُد كتاب المرتد ميخائيل غورباتشوف (إعادة البناء) مع قليلٍ من الخمر ليسعد القلب.
نعرفهم أيضاً عندما إستنجدوا بأصدقائهم وعلى جناح السُرعة فتوافدوا كالذئاب لكمش ذلك الشاب الثوري (التروتيسكي) الذي كان يوزّع قُصاصة من الورق عن قصة (سقوط مدينة) أثناء الانتخابات في نادي الوحدات تخيّلوا لقد جاءت الأجهزة من كل الأصناف والألوان وربما من الـ FBI وCIA لزجر وإعتقال ذلك الفتى المتمرد الذي لا يحمل إلا قصاصة ورق .. كان قدغادر فلم يجدوه .. عنّفونا وحمّلونا المسؤولية.
يقول «لينين» بشأن هؤلاء .. (أنهم كالفجل أحمر من الخارج .. أبيض من الداخل).
ويقول معلم الثورة «ماوتسي تونج» في وصفهم .. (يحملون العلم الأحمر .. لإسقاط العلم الأحمر).
للباحثين عن الحقيقة لم يعُد هؤلاء كالفجل .. ولا يحملون أعلاماً .. بل يحلمون بالدول المانحة وعطاياها فقط.
إنهم كالصراصير .. يعيشون في القيعان ، والصراصير أنواع .. منها ما يعيش في المجاري .. ومنها ما يستوطن في الحُفر .. ولكن في النهاية .. فالصراصير إخوة .. ولا كبيرَ فرقٍ بينها ومكانها الدائم القيعان .. وإن تسللوا من حين لآخر خارج زمانهم ومكانهم.
ستبقى العصافير تُحلّق في الأعالي وتحت الشمس .. تملأ الدنيا نوراً وضياء .. وستشدوا وتعزف ألحاناً رائعة وإن كانت صعبة .. وسيعلو صوت الموسيقى الى أن تنهار الأسوار وتتحطم القيود والأغلال والسلاسل .. وينبلج الصباح.
] العصافير لا تصطف أمام البنوك لتقديم كشوفات الرواتب لأبناء دايتون والدول المانحة !
العصافير تُحلق بالفضاء الكوني .. تنشُد وتعزف الألحان الأخاذة.
العصافير لم تذهب الى أوسلو .. ولم تعرف الطريق إليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «673» التاريخ : 18/5/2010 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق