الخميس، 14 أكتوبر 2010

اللقطة الأخيرة

 


أقامت قناة الجزيرة الفضائية مؤخراً مهرجاناً لأفلام السينما الوثائقية وشارك في هذا المهرجان المئات من المخرجين الملتزمين والشباب من كافة أرجاء المعمورة .. وقد فاز بالجائزة الذهبية فيلم «اللقطة الأخيرة» لمخرجة من أمريكا اللاتينية يُصور هذا الفيلم ما جري من أهوال بحق الشعب التشيلي وطلائعه الثورية والاشتراكية في مرحلة السبعينات على يد حكومة العسكر بقيادة الجنرال الدموي «أوغستو بينوشيه» والمدعومة من الرأسمالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .. الذي راحت تنكّل بشكل يومي بكل ما هو تقدمي وديمقراطي ..
تبدأ أحداث الفيلم بلقطة حقيقية وثائقية لمواطن تشيلي وهو يتعرض للتنكيل والقتل بدم بارد على يد جنود الجنرال .. ثم تدور الأحداث لتوثق لمرحلة بالغة السوء في حياة الشعب التشيلي وعموم شعوب أمريكا اللاتينية التي ظلت تبتز وتسرق وتستغل على مدى قرن كامل من قبل الشركات الاحتكارية الأمريكية الكبرى ..
ولعل الكثيرين الآن لا يعرفون حقيقة ما جرى من عنف دموي وجرائم قتل واختطاف واغتصاب بحق الطلائع والمثقفين والثوريين وغالبيتهم من أبناء الفقراء الذين ظلوا يناضلون من أجل الحق والحرية والعدالة والعيش الكريم .. ليس في تشيلي وأمريكا اللاتينية وحسب ، بل في أفريقيا والشرق الأوسط ..
ونود هنا تسليط الضوء على موضوع الفيلم والأماكن التي جرت بها تلك الأحداث منذ مطلع القرن العشرين وتشيلي تغلي احتجاجاً وتذمراً على عمليات النهب والسلب المستمرة من قبل السيد (أمريكا) وعبيده (العسكر) .. ظل الصراع ديمقراطياً لأكثر من نصف قرن ما بين القوى الحية الباحثة عن الحرية من جهة والجنرالات وعساكرهم من جهة أخرى .. حتى توج هذا الصراع بانتصار صريح ومدوٍّ للقوى الديمقراطية والاشتراكية مدعومة بشكل غير مسبوق من جموع الفقراء التي ملت حالة العبودية والهوان .. فاز المناضل الإنسان «الدكتور سلفادور ألندي» .. لقد أصبح رئيساً لجمهورية تشيلي الاشتراكية مع أغلبية نيابية تكفي لإجراء الإصلاحات المطلوبة للتحرر والانعتاق .. لم يعجب أمريكا انتصار ألندي لأن العالم حينها كان يعيش ربيع الاشتراكية .. ولن تسمح (أمريكا) بتعطيل وتعريض مصالحها واحتكاراتها للخطر بانتصارات جديدة في حدائقها الخلفية (أمريكا اللاتينية) .. فقررت قتل الرجل .. فأوعزت لجنرالاتها المنتشرين في تشيلي بتنفيذ المهمة ..
في 23 آب 1973 ، الرئيس الشرعي المنتخب يعين قائداً جديداً للجيش في إجراء روتيني دستوري .. الجنرال بينوشيه صديق الرئيس يصبح القائد الجديد للجيش في تشيلي ..
وبعد أقل من ثلاثة أسابيع تصدر التعليمات من البيت الأبيض بتنفيذ المهمة .. تتحرك الطائرات .. الدبابات .. العسكر .. في حركة منسقة في اتجاه القصر الرئاسي ، الطائرات .. الدبابات .. تقصف القصر تمهيداً لإقتحامه من قبل العسكر ..لم يهرب ألندي .. لم ينتحر .. بل حمل رشاشه وراح يقاتل حتى قتل .. دفع الشعب التشيلي عشرات الألوف من الضحايا .. قتيل ومختطف ومفقود.
بلادنا أيضاً .. مليئة بالجنرالات والعساكر من شاكلة الجنرال بينوشيه .. استبيحت .. وأغتصبت .. كما استبيحت .. وأغتصبت تشيلي .. نحن اليوم بأمس الحاجة الى مخرج أو مخرجة لتصوير «اللقطة الأخيرة» لما حدث ويحدث في بلادنا الآن.





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «671»     التاريخ : 4/5/2010     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق