قبل سنوات خلت شاهدت ''فيلما'' مصريا بعنوان ''زمن حاتم زهران'' تدور احداث الفلم حول قصة طالب مصرى جامعي التحق بصفوف القوات المسلحة اثر هزيمة حزيران 76 ضمن عشرات الالوف من الطلبة الذين تطوعوا في الجيش المصرى آنذاك في اطار خطة وضعتها القيادة السياسية المصرية لتطوير و استيعاب المفاهيم الحديثة للاسلحة المتطورة و احداث نقلة نوعية شاملة في اساليب القوات المسلحة... حيث اضطلع الطلاب بدور بالغ الاهمية في تعليم زملائهم الفلاحين البسطاء فنون و تقنيات القتال الحديثة.
يحيى زهران هو احد ابناء عائلة مصرية وطنية... عمل والده استاذا للاقتصاد في جامعة القاهرة... التحق كغيره في صفوف القوات المسلحة... وكان شابا وطنيا متحمسا... منحازا للثورة و الجماهير الكادحة... استشهد في الافواج الاولى التي عبرت قناة السويس في حرب اكتوبر المجيدة عام 1973 بعد ان ارتفع العلم المصري على الضفة الاخرى من قناة السويس.
حاتم زهران الشقيق الاصغر ليحيى رغم حصوله على شهادة الدكتوراة من امريكا.. في اقتصاد السوق ظل يعاني باستمرار من وهج و ريادة واستقامة شقيقه التي ظلت على الدوام محل حديث اهله و جيرانه و اصدقائه... هذه السمات كانت تلاحق ''حاتم'' و تدفعه للتشبع بمفاهيم وافكار اخرى مغايره لها جذورها في تركيبته الداخلية... فحاتم هذا كان من انصار ''العم سام'' والانفتاح و منطق السوق و القطط السمان....
حاتم زهران... لظروف سادت... تغول فيها نهج في منطقتنا العربية... و العالم و في حقبة من الزمن حتى خيل لنا نحن الناس المستضعفين في الارض ان الدنيا قد دانت لهؤلاء وطُبعت بطابعهم فبدا و كأن ''حاتم'' و نهجه قد اصبحا راسخين في الواقع و في الوجدان و على انقاض مفاهيم و قيم جميلة... عادلة و انسانية و وطنية ايضا.
واقعة بعينها تتابعت فصولها مؤخرا انطلاقا من مدينة ''الرصيفة'' ... باسل زهران... شاب يافع في مقتبل العمر... لم يتجاوز التاسعة عشرة... هاله ما يجري للاهل داخل فلسطين المحتلة... سكنت هواجسه رغبة جامحة في المقاومة .. والثأر.. والانتقام... ترك كل مباهج الحياة... احال جانباً رغباته... احلامه... علاقاته الانسانية... وربما حتى طموحاته الشخصية صغر شأنها ام كبر... ترك كل شيء... حمل قامته و انطلق باتجاه فلسطين... بلاده... بلاد اجداده... وحلمه الازلي...
هناك... و في طولكرم حيث الوطن و الاهل و الجذور و قبل ان يكتمل نهار يومه الثاني امتشق سلاحه ''المتاح''... حمل سكينه... و طعن اول جندي صهيوني يصادفه... طعنهُ... طعنةً نجلاء اردته قتيلا... فعبر اولا و اخيرا عن كوامن نفسه و حبه الذي طالما اختزنه لوطنه و اهله...
لاحقته مجموعة من قوات العدو... اطلقت النار عليه... فاستشهد مخضبا ترى وطنه بدمه الزكي...
باسل زهران لم يفكر طويلا باسلحة متطورة و لا بظروف مناسبة و لا بتوازن استراتيجي... باسل زهران قاتل بالمتاح والممكن حين استجاب لنداء الواجب و الوطن واستغاثة المقهورين من ابناء جلدته... ليصنع حقيقة اخرى بأن هذا الزمن هو زمن ''باسل زهران'' !!.....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «239» التاريخ : 1/5/2001 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق