الخميس، 14 أكتوبر 2010

إبنة الجنرال











اثناء زيارتي لدمشق وبحكم عادة الفتها وهي التردد على مكتبة بعينها، انتقي منها عددا من الكتب حديثة الصدور، وقع بين يدي كتاب بعنوان «السجينة» لمؤلفته «مليكة اوفقير»،وهي بالمناسبة ابنة الجنرال المغربي المعروف «محمد اوفقير» الذي شغل منصب وزير الدفاع المغربي فترة طويلة من الزمن.

والجنرال اوفقير خدم في الجيش الفرنسي كجندي مقاتل في الوحدات الفرنسية عبر البحار، عمل في فيتنام وكان من اشد الجنود الفرنسيين ضراوة في مواجهة الشعب الفيتنامي المكافح من اجل الحرية ..لدرجة انه كان يمارس القتل بلا مبرر، منح اوسمة رفيعة جراء ذلك والرجل بطبعه كان معاديا للشعوب بما في ذلك الشعب المغربي نفسه ... ومعاديا للعرب والعروبة... متكالب على السلطة، يعشقها ... يتلذذ بسطوتها، وربما لهذا السبب خدم في جيش كان يستعمر بلاده .

غداة استقلال المغرب.. تسلل الى مواقع متقدمة في السلطة وبات من اقرب المقربين الى «الملك »... كان عينه... واذنه... بل وسيفه... وعلى النقيض كان يضمر له العداوة ويتحين الفرصة تلو الاخرى ليكون«الرجل الاول!!» .

هذا الجنرال جعل جل همه ملاحقة ابناء البلاد واحرارها وزجهم في اتون سجونه ومعتقلاته لسنوات طويلة، قضى عدد كبير منهم في السجون قبل ان يتنسموا عبير الحرية!!، لم يكتف بذلك فلاحق المناضل العربي المغربي الكبير «المهدي بن بركة» واشرف شخصيا على عملية اغتياله .. وتصفيته جسديا .. واخفاء جثمانه حتى يومنا هذا.

الطريف في الامر ان هذا «الجنرال» الذي طالما صوّر للملك بان الشعب المغربي يعج بخصومه كان يدبر في الخفاء المؤامرة تلو المؤامرة للاطاحة بالملك ... فمن انقلاب قصر الصخيرات اثناء احتفال الملك بعيد ميلاده الى محاولة اسقاط طائرة الملك في الجو... وحين تفشل المحاولة يسارع الى اعتقال المنفّذين واعدامهم رميا بالرصاص بدون محاكمة وقبل ان ينكشف امره .

لعل القدر كان له بالمرصاد حين كلّف احد طياري سلاح الجو باغتيال الملك وذلك باسقاط طائرته ... نجا الملك باعجوبة وهبط الطيار ... والقيّ القبض عليه واعترف بالمؤامرة «المكيدة»، قبل ان يتسنى للجنرال تصفيته اسوة بغيره ... فما كان من «اوفقير» الا ان اطلق النار على نفسه منتحرا بعد افتضاح امره!!!...

المفارقة هنا ان اسرته دفعت ثمن افعاله ، اعتقلت واودعت السجن ولمدة عشرين عاما: الزوجة واولادها الستة وكان اصغرهم طفلا لم يتجاوز الثالثة من العمر .

«مليكة» ابنة «اوفقير»التي دخلت السجن مع اسرتها وكان عمرها ثمانية عشر ربيعا.. تحدثت عن معاناتها ومعاناة اسرتها في غياهب السجون... حيث العزلة... الخوف... الاذلال... والجوع... القهر... الحرمان... فقدان الحب والامل وضعت تلك «المعاناة» بين دفتي كتاب بعنوان «السجينة» (ما تعرضت له اسرة «اوفقير» رغم .. كل جرائم «الجنرال» بحق المغاربة يمثل ادانة صارخة لكل انظمة القهر والاعتقال والتعسف التي ما انفكت تقتل العدل وتفتك بانسانية البشر!!.....)













ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوحدات «الرياضي» العدد «230» التاريخ : 20/2/2001 سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق