أخيراً وبعد مضي عدة عقود اعترف رجل الامن السري احمد بخاري الذي كان مساعدا مقربا لرئيس جهاز مكافحة التخريب في المغرب.. هذا الجهاز الذي كان يشرف عليه وبشكل مباشر ''محمد اوفقير'' وزير الداخلية المغربي ..
ادلى باعترافاته هذه لجريدة «الليموند» الفرنسية وكذلك لجريدة «لوجورنال» المغربية الناطقة بالفرنسية بأن (افقير) قد نظم واشرف بشكل مباشر وبالتعاون مع اجهزة الامن الفرنسية على توقيف واختطاف المناضل المغربي المهدي بن بركه... ونقله الى المغرب.. الا ان الامور خرجت عن السيطرة مما اجبرهم الى نقله الى فيلا في ضاحية جنوب باريس حيث تم تعذيبه بقسوة ووحشية الى ان فارق الحياة.
ولقد انقسم فريق الامن المغربي الى قسمين.. المساعد الاول للجنرال اوفقير «الكومندان» احمد ادليمي يريد تعذيبه وتصفيته على الفور،محمد العشعاشي الذي كان في تلك الفترة رئيسا لمكافحة التخريب في المغرب كان يريد نقله حيا الى الرباط وعند وصول الجنرال اوفقير بعد منتصف الليل الى الفيلا المحتجز فيها المناضل المغربي المهدي بن بركة.. انزعج الجنرال من الموقف الصامد الذي كان يتحلى به المناضل المغربي... وعدم رضوخه.. وعدم الادلاء باعترافات امامه.. مما أثار غيظه، فقام بطعنه بخنجر في صدره وكذلك في ظهره.. وعلى الفور تولى تعذيبه من جديد ''الكومندان'' احمد الدليمي تعذيبا قاسيا وشديدا حتى فارق الحياة.. يقول احمد بخاري العميل السري المغربي ان التنسيق كان على درجة عالية بين اجهزة الامن المغربية والفرنسية وكذلك اجهزة المخابرات الامريكية ( CIA) بهذا الشأن.. اذ نقل جثمان بن بركه من الفيلا التي قتل فيها الى مطار شارل ديغول بكل سهولة حيث كانت تتولى اجهزة الامن الفرنسية تسهيل ذلك .
ونقل جثمان بن بركه في سيارة خاصة.. وفتحت لها ابواب مطار شارل ديغول في باريس.. حتى وصلت بمحاذاة طائرة تابعة لسلاح الجو المغربي التي قامت بدورها بنقله الى مطار الدار البيضاء في المغرب.
ومن هناك الى مركز دارالمقري للتعذيب في ضواحي الرباط.. تم وضع المهدي في بركة معبأة بالاسيد لاذابة جثمانه وذلك لاخفاء اثره تماما.
والان .. وبعد مضي اكثر من ثلاثة عقود على هذه الجريمة.. تتكشف الاساليب الدموية التي كانت تمارس من قبل الاجهزة الامنية في العالم العربي.. ضد المناضلين من شتى الاتجاهات الفكرية والسياسية والعقائدية...
هذه الاساليب التي مثلت الشكل الابشع في نهج هذه الاجهزة التي تنتشر هنا وهناك.. والتي تثير الفزع والذعر بين اوساط الناس وتلحق العار والهوان بتاريخ هذه الامة...
المفزع بالامر.. والمثير للاستياء في آن معا.. ان ماتعرض له المهدي بن بركة لم يكن استثناء فقد قتل بهذه الطريقة البشعة وفي نفس المكان وعلى ايدي ذات الاجهزة عشرات المناضلين المغاربة كما اعترف بذلك العميل السري احمد بخاري..
ولم يكن الامر ينحصر في المغرب وحده فقد تكرر هذا المشهد مرارا على امتداد الارض العربية .. حيث تعرض الانسان العربي الى شتى انواع البطش والارهاب وبنفس الطريقة المغربية...
نذكر.. القتلة.. الطغاة
ان ذاكرة الشعوب حية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «228» التاريخ : 6/2/2001 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق