ثمة فوارق كبيرة بين رئيس نادي الجليل «سعيد عجاوي» وآخرين من رؤوساء الأندية ، خاصة ما يُسمى بأندية المخيمات ، الذين أشبعونا ولا يزالون بوطنيتهم الزائفة وبتقاليعهم «الراجفة» .. بارتدائهم الكوفية السوداء المرقّطة وصُنعهم لإشّارة النصر «v» بأصابعهم فقط .. كلما يحلو لهم ذلك ، لا لشيء إلا لإنقاذ شعبيتهم المتآكلة إن وجدت ، والتي بُنيت في غفّلة من الزمن .. بالإدعاء والكذب وإفتعال خصومات مع الآخرين ، تحت عناوين شتى أقلها أنهم يُحبون فلسطين دون الآخرين.
رئيس نادي الجليل لاجيء من مخيم إربد .. يتحلّى بالبساطة والتواضع وبأنفة وشهامة الفقراء .. لا يملك من المال الكثير .. مهنته هي ذاتها مهنة أفلاطون .. لديه من المسؤوليات الكثير تجاه أسرته وناديه ، وفرقه الرياضية وفتيانه الأيتام الفقراء ، كذلك وسطه الإجتماعي .. كل ذلك لم يمنعهُ من الذهاب حيث عشقه الأبدي .. رغم المحاذير والعقبات والإستجوابات أصرّ على الذهاب الى هُناك ، عبر اليابسة وعبر البحر .. فوطنيته المستوطنة في أعماقه تُحركه دائماً في إتجاه البوصلة .. صوْب فلسطين.
يتهافت الكثيرون إداريون سابقون وحاليون .. رؤوساء أندية .. من الخاصة والعامة .. يتسابقون الى أمانة السرّ يدسون جوازات سفرهم أمام صاحب الأمر ؟! ينظر إليهم باستخفاف فيصرفون له إبتسامة مصطنعة .. وكلاماً غير مفهوم .. وبإيماءة يوحون إليه أنهم يودّون الذهاب الى فلسطين ؟! لأن هاجساً ليلياً قد داهمهم طالباً منهم ضرورة التوجه الى هناك .. للصلاة في المسجد الأقصى ؟!
أما غزّة المحاصرة .. فلا بواكي لها .. لا مقامر فيها ولا ساقيات .. لا شقراوات ولا فاتنات ولا «طنطات» .. لا مطاعم يصدمها الموج من كل الإتجاهات .. فاللغة هنا عربية صرّفة .. وهم يُحبون اللّكنة «العبرية».
رئيس نادي الجليل .. هذا الرجل الرزين لم أرهُ في يومٍ ما محتقناً إقليمياً .. لم يلعن ذاته يوماً كونه عربياً أو مسلماً .. ظلّ دائماً فخوراً بأصله وقناعته .. سافر مع قافلة شريان الحياة لكسر الحصار عن غزّة برفّقة النائب البريطاني جورج جالوي .. أُعيقوا .. وضعت في وجوههم العراقيل من كل صوْب .. خيّموا بالعقبة محاولين العبور الى غزّة عبر سيناء ولكن هيهات .. «رواد العمالة وأمنهم المركزي» كانوا لهم بالمرصاد .. عادوا الى تُركيا لحُضّن الرجل الشجاع أُوردوغان .. إمتطوا البحر .. ذهبوا الى العريش .. إشتبكوا هُناك مع قوات «الجندرما» .. أُصيب الرجل في رأسه إصابات بليغة .. وكسروا الحصار.
لم يتّعظ الرجل .. ظل الحنين يُراوده وتنامْت رغبته في مساعدة أهله وأبناء عشيرته .. إنها أمانة في عُنقه .. فما أن سمع بإنطلاق أُسطول الحرية بقيادة المناضل التركي المسلم «بولانت يلدرن» حتى هبّ الى هناك .. إمتطى البحر من جديد الى غزّة .. الى حيث الرجال .. الى النساء والأطفال المحاصرين .. إعترضتهم بوارج القتلة .. إشتبكوا دافعوا عن شرفهم وعن ما يحملون من مساعدات إنسانية وطبّية .. إستُشهد وجُرِح الكثيرون .. أُقتيدوا الى فلسطين .. الى أسدود .. قاوم كما يُقاوم الشُرفاء عَبَر الى بلاده فلسطين .. بدون «ڤيزا» أو تصريح من أحد .. بل كما يقول دخلَ الى فلسطين «خاوه».
] أُوردوغان .. جورج جالوي .. بولنت يلدرن .. كل المتضامنين عرباً .. أتراكاً .. أجانب .. مسلمين .. مسيحيين .. مُلحدين .. فقضيّة الحرية واحدة.
الى جمهور الوحدات الباحث دوماً عن «الطُبّة» .. هل تعرفون من هي راشيل كوري .. إنها فتاة أمريكية «مناصرة للحرية» أُزهقت روحها تحت جنازير جرافة صهيونية وهي تُحاول أن تتصدى لهدم منزل في قطاع غزّة .. راشيل كوري .. الشُهداء الأتراك .. أحرار العالم .. أنصار الحرية .. أهم بكثير من ميسي .. ورونالدو .. وعامر ذيب .. وعامر شفيع .. ومن الدوري .. ومن الكاس .. ومن كل البطولات .. فهل تفهمون ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «676» التاريخ : 8/6/2010 سامي السيد