ثمة تشابه بين إنهيار النظام في العراق .. والإنهيار العاصف الذي حل بالدولة السوفيتية والبلدان الإشتراكية الأخرى .. هذا الإنهيار لا يعني سقوط «الفكرة» الإشتراكية التي عبّرت عنها الأحزاب الشيوعية عموماً .. ولا يعني كذلك تداعي وإندحار «الفكرة» القومية التي عبرت عنها الأحزاب القومية .. وفي مقدمتها حزب البعث العربي الإشتراكي ..
غداة تداعي النظام السوفيتي وإنهياره .. جاء البديل هشاً .. ضعيفاً .. مشبوهاً .. مرتبطاً بالمافيات .. خاضعاً لها ومتعاوناً معها .. بل انه إعتمد في بقائه وإستمراره ردحاً من الزمن على نفوذها ونشاطاتها غير المشروعة .. وكان في أحياناً كثيرة شريكاً متواطئاً معها ..
ولفترة من الزمن .. ربما كانت قصيرة نسبياً .. فقد الشارع الروسي بوصلته وتوازنه .. ذلك أن إنهيار وإرتداد رموز وقادة الدولة السوفيتية وتحولهم بين ليلة وضحاها إلى خدم وشركاء للمافيات والنظام الجديد .. أصاب الناس بخيبة أمل غير مسبوقة .. فكان التعبير الذي شهدناه عشوائياً وعبثياً لمرحلة ما بعد الإشتراكية ..
ولأن الفكرة عظيمة .. ورحم الأمة لا ينضب .. فقد خرجت من بين الأنقاض قيادات .. شابة .. ثورية .. مؤمنة .. واعدة .. مخلصة لوطنها ولمبادئها التي تربت عليها ردحاً من الزمن .. تؤمن بالعدالة الإجتماعية والمساواة .. تصدت للواقع ولم تقبل الهزيمة .. فراحت ترفع الراية من جديد .. واليوم تقود هذه الطليعة أعظم حزب في روسيا الآن .. (الحزب الشيوعي الروسي).
وبدون إمكانيات .. وبفقدان النفوذ والسطوة الحكومية .. وكافة أشكال الدعم الأخرى .. مالية وإعلامية .. رغم ذلك فإن خلاياهم الحزبية .. أخذت تجوب البلاد طولاً وعرضاً .. حيث لا تخلو مدينة أو قرية من حضور واسع لهم وفعال ..
اما في العراق وبعد ان حسمت قوات الغزو «الأنجلوأمريكي» معركتها مع النظام المختَلفّ حول طبيعته .. وممارساته .. وسلامة نهجه .. فقدّ تكرر الشئ ذاته .. ففَقَدَ الناس توازنهم وبوصلتهم وجزءً مهماً من إنسانيتهم .. وأخلاقهم .. وراحوا يتصرفون كالرعاع ..
وفي مثل هذا الوضع الصعب والشائك .. يصبح من الأهمية بمكان .. إنبعاث الطلائع الثورية من لدن الجماهير في العراق .. وتحديداً قواعده المناضلة المؤمنة في صفوف الحزب ذاته .. بغية تجميع انفسهم .. وبعث حزبهم من جديد في معركة الحرية والإستقلال .. هذا الحزب الذي كان على الدوام حزباً طليعياً .. عظيماً بإفكاره ومبادئه .. يحمل أماني الأمة في الوحدة والحرية والإنعتاق .. ولا يعني تسلل أعداد كبيرة من الموظفين والمنتفعين إلى صفوفه .. بأن الأفكار العظيمة التي يمثلها قد إنهارت وذهبت إلى غير رجعة ..
وبإنجاز هذه المهمة .. سوف يعود الحزب ومناصروه .. إلى مواقعهم الطليعية في حياة الشعب العراقي .. وسيكون لهم شأن كبير .. بالتعاون مع القوى الحية لإنبعاث عراق حر .. عربي .. ديمقراطي.. وسوف تسقط وتداس كل الإتهامات التي ألصقت بالحزب نتيجة هيمنة مرحلة سوداء في حياة العراقيين ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «319» التاريخ : 13/5/2003 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق