منذ ان تحكمت بصمائر الكون كيانات سياسية مستعمرة واغلبية شعوب الارض تدفع ثمنا باهظا لنيل حريتها واستقلالها في ظروف غير انسانية بالغة القسوة على غير صعيد، فقد خضعت هذه الشعوب الى برنامج منظم هدف الى جعلها دائمة الفقر، والتخلف كي يصبح استبعادها واستغلالها امراً سهلا غير مكلف.
هذا القرن الذي نعيش نهاياته شهد صراعاً مريراً بين هذه الشعوب المغلوب على امرها وبين تلك الكيانات السياسية، هذه الكيانات التي ما انفكت توظف كل تكنولوجيا الحرب المدمرة لجعل هذه الشعوب مطواعة لاهدافها السياسية والاقتصادية والامنية.
فالشعب الفيتنامي خاض صراعاً مريراً ضد المستعمرين الفرنسيين والاميركيين ونال استقلاله بعد ان ضحى بمئات الالوف من شبابه واطفاله وشيوخه ونسائه على مذبح الحرية، كلفه في النهاية احرز انتصاراً شهد له العالم بأسره.
اما الشعب الهندي فقد هزم الامبراطوية التي لا تغيب عنها الشمس حين جعل العصيان المدني اسلوبا ثوريا في مواجهة مستعمريه، قاطعهم، جعل بضائعهم مكدسة لا تجد من يشتريها فأفقد الانجليز احد اهم اهدافهم في استعباد الشعب الهندي، واخيراً انتزع الهنود استقلالهم بكل جدارة واحترام.
الشعب العربي في الجزائر واجه شكلا استعماريا اشد خطورة، فالبرنامج الفرنسي في الجزائر لم يكن يهدف الى استعمار الجزائريين وحسب وانما جعل الجزائر برمتها ارضا وشعبا جزءاً من فرنسا، اي ان الاستعمار الفرنسي كان استعماراً استيطانيا، كلف ارادة الشعب العربي في الجزائر وكفاحه المرير امام هذا الحلم الفرنسي اثراً بعد عين.
ومع ان الامثلة كثيرة، ولكل منها دلالاتها الخاصة، الا ان طبيعة المعركة التي يخوضها شعبنا العربي في فلسطين تكتسب فرادة متميزة عن غيرها، فثمة استعمار استيطاني صهيوني افلح في توطيد جذوره بدعم قل نظيره من الغرب الاستعماري، لان استهدافات هذا الاستيطان العنصري تتجاوز حدود فلسطين لتطال امة بأسرها من محيطها الى خليجها، وبالتالي فإن التضحيات الجسام التي يقدمها ابناء فلسطين ليست خارج سياق منطق الاشياء، فتحرير فلسطين ليس مهمة سهلة وبخاصة في ظروف الانكفاء العربي بالغ الانحطاط.
ومن الزاوية الرئيسة علينا ان نقول بصراحة ان ابناء فلسطين يخوضون معركة حقيقية نيابة عن العرب جميعا وكلهم امل ان تستثير انتفاضاتهم المتتالية روح النخوة العربية التي تعيش اليوم في سبات عميق!!..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «213» التاريخ : 17/10/2000 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق