أُتابع بإهتمام الحالة العراقية هذه الايام .. واعود بذاكرتي الى الوراء لارصد الازمة الراهنة منذ بدأت الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا .. واتباعهما .. وازلامهما العراقيين يقرعون طبول الحرب.
ومن كان يستمع للجوقة إياها ولأزلامها المتأمركين كالجلبي وسواه كان يظن ان هؤلاء يملكون رصيداً هائلاً لدى اوساط الشعب العراقي .. جيوش جراره .. جماهير حاشدة .. خلايا منظمة .. منظمات حزبية لا حصر لها .. تنتظر بشغف عودتهم .. وان نظام صدام حسين يفتقر للحدود الدنيا من الدعم الجماهيري في أوساط الشعب العراقي لدرجة خُيل لعدد كبير من المراقبين العرب والاجانب انه في حال سقوط النظام فإن الامن سوف يستتب .. وان السلام والوئام سيعمان العراق من أقصاه إلى أقصاه .. وان شلة المعارضين سيحكمون البلاد بسهولة ويسر منقطعتي النظير .. وربما عبر «الريموت كنترول» على اعتبار ان العراقيين يعيشون حالة من القرف من صدام حسين ونظامه الذي حكم البلاد والعباد لعقود من الزمن بقوة الحديد والنار..
وسرعان ما سقطت هذه التصورات وتلاشت لأن الحقيقة شيء اخر .. فما ان حسمت قوات الغزو المعركة العسكرية الكلاسيكية لصالحها في نيسان الماضي .. واختفى النظام بالكامل .. وكذلك اجهزته التي مثلت عقدة مستديمة لهؤلاء .. حتى دبت الفوضى .. واختل الامن .. واختلط الحابل بالنابل .. فساد منطق الحرامية .. وشاعت الفوضى .. وانتشرت عمليات السرقة والاغتصاب في كل مكان من أرجاء العراق ولم يستطع هؤلاء المرتزقة والمدعين من حماية أنفسهم .. فكيف يمكنهم حماية العراق بكامله ..
اما القادة الجدد الذين وصلوا البلاد على سروج الدبابات الاميركية والبريطانية .. فقد راحوا يعيشون ايامهم في غرف مكيفة .. وتحت حراسة مشددة .. ينعمون بالأمن في ظل حراب وبنادق قوات الغزو ..
يهيمن على العراق الآن اقوى جيش في الدنيا قاطبة .. ويحظى بمساندة العملاء المحليين في الشمال والجنوب وبدعم لوجستي وسياسي غير محدود من دول الجوار بالإضافة إلى العديد من الدول التي ارسلت طواقم من جيوشها لمساندة قوات الغزو الانجلو اميركي بحجة حفظ الامن في البلاد.
ورغم وجود الجيوش الجرارة .. والامكانيات الحربية الهائلة .. فإن الشرفاء من ابناء العراق راحوا يقاتلون على مدار الساعة .. وكل يوم ينقضي يرسلون التوابيت تلو التوابيت محملة بالطائرات إلى مواطنهم الأصلية ..
نسأل تلك المعارضة «العظيمة» .. هل كان جيش صدام حسين اقوى من جيوش الغزو؟ .. ولماذا لم يفعل هؤلاء شيئا يذكر.. ليسجل في تاريخهم لمقاومة نظام صدام حسين واسقاطه بالقوة؟ لقد ثبت ان ذلك ممكناً ودروس التاريخ شاهدة على ذلك .. في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية .. لكن ذلك منطق الثوار والأحرار لا منطق العملاء والمرتزقة الذين يعودون إلى بلادهم خلف دبابات وجنود قوات الغزو!!
ما جرى قد جرى .. والتاريخ شاهد على الحقيقة وعلينا ان نعرف ان من يريد تحرير وطنه ونيل دعم وتأييد شعبه ومواطنيه عليه ان يدوس على جراحه أولاً وأن يسعى جاهدا بكل اخلاص لخلق حالة من المقاومة العارمة لقوات الإحتلال وان يتناسى خصوماته الداخلية مهما كانت شائكة وصعبة لمقاومة وكنس قوات الإحتلال ونعرف عبر تجارب وتراث الشعوب ان الشرعية تستمد فقط من القتال والقتال وحده
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «336» التاريخ : 9/9/2003 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق