الأحد، 28 نوفمبر 2010

الرسالة


 

أطلت علينا الذكرى الشريفة لمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. في ظروف تحياها الأمة العربية والإسلامية .. من أقصاها إلى أقصاها .. بالغة الصعوبة .. والبؤس .. والإذلال .. والتعقيد .. فالفقر مستشرٍ .. والمرض منتشر .. والجهل .. والتعصب لا يترك ركناً إلا ويسكنه .. أما عن الهيمنة الخارجية وظلالها السوداء القاتمة .. فحدث ولا حرج .. فلا احد مهما عظم شأنه يستطيع البوح مجرد البوح بما يدور في خاطره .. فالجميع سواء بسواء .. حكاماً .. ومحكومين .. يعيشون لحظة غيبوبة .. وفقدان توازن ..
في مثل هذه المناخات والأجواء كان العالم يرزح تحت هيمنة .. فارس تلك القوة الطاغية في الشرق .. وروما تلك القوة العدوانية المتغطرسة في الغرب .. الجزيرة العربية يسودها التفكك .. التعصب .. الجهل .. الصراع .. الإنحطاط .. في ذلك العصر ولد الرسول الأعظم محمد بن عبدالله في مكة .. ومنذ اليوم الأول لولادته الشريفة .. راحت تهل على القوم البشائر .. فالنور راح يعم أرجاء مكة .. والعباد أخذوا يتنفسون الصعداء .. يشعرون بالراحة والطمأنينة .. ينتظرون حدثاً «ما» يحسون به دون ان يروه او يتلمسوه ..
وما ان يفع وإشتد عود النبي .. أخذ يتجول في أسواق مكة وشوارعها .. حتى شرع سكان أم القرى يتوسمون الخير .. ويستبشرون بالقادم من هذا الرجل الصادق الأمين ..
وشيئاً فشيئاً .. وبفطرته المجبولة على الأمانة .. والإخلاص .. والصدق .. وحب العباد .. باشر النبي في حل مشكلات الناس وصراعاتهم القبلية المستعصية .. فحاز بذلك على ثقتهم .. وإحترامهم .. وحبهم ..
هذا يؤشر على ان الرسول الأعظم إمتلك صفات النبوة .. من طهارة .. وصدق .. وأمانة .. وتسامح .. وريادة .. قبل نزول الرسالة .. فقد كان يبحث في قرارة نفسه عن سر عظمة الوجود وخالقه .. غير عابيء بالمعتقدات التي كانت سائدة آنذاك ..
وجاءت الرسالة الإلهية .. لتجعل النبي يبدأ مشواره لتغيير الكون .. فالتوحيد .. وعبادة الله وحده لا شريك له .. كانت بداية الجهد من أجل إيجاد طليعة تقود المهام الكبرى التي تهدف إلى تغيير وجه الدنيا .. فتحطيم الأصنام .. وهداية عَبَدتها كانت مهمة تقع على عاتق النبي .. وأتباعه المؤمنين .. توحيد العرب على رسالة واحدة كانت مهمة عاجلة لتحقيق الأمر الإلهي بنشر الهداية والعدل .. بأسمى معانيها ..
إزالة الظلم .. والفساد .. والهيمنة .. عن مقدرات الكون من قبل الدول الكبرى آنذاك كانت على قائمة الأهداف التي سعى إليها النبي .. وأصحابه المؤمنون ..
وخلال سني حياته .. التي لم تتجاوز الثلاث والستين سنة .. أحدث الرسول الأعظم التغيير الهائل على الصعيد الكوني .. وأقام دولة الحق .. والعدل .. والإيمان على مساحة واسعة من الكرة الأرضية ..
اليوم .. ونحن نحتفل بذكرى المولد النبوي .. وبدلاً من أن نهتدي بنهج رسول الله .. وبرنامجه .. ونتبع خطاه .. نجد أنفسنا مستسلمين خانعين للغزو .. والهيمنة ..
نطأطأ رؤوسنا .. خوفاً وجزعاً .. ننحني لعدو طالما أضمر لنا الشر والعدوان .. نتلهى بنوافل امور الدنيا .. نلوك الماضي ولا حول لنا ولا قوة ..
كل ذلك .. بدلاً من ان نعقد العزم لتغيير وجه العالم ..


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «321»     التاريخ : 27/5/2003     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق