رن جرس الهاتف .. صديق عزيز على الطرف الاخر .. قال وبدون مقدمات : (بدك إشي من باريس) .. فوجئت وقلت .. مش معقول : باريس !! .. لماذا لم تخبرني من قبل .. متى ستسافر ..
قال : بعد قليل .. صمتُّ برهة .. ثم قلت : أحضر لي شيئاً من باريس .. قال : مثل ماذا .. قلت : مجسم لبرج إيفل .. قوس النصر .. إحضر شيئاً يشير إلى روح باريس ..
قال بلهجة فرحة : إلى اللقاء .. ومضى ..
مضت أيام .. كنت خلالها مشغولاً بأمور شتى .. أقارع الحياة وتقارعني .. أغلبها حيناً وتغلبني أحياناً .. كنت أجلس في مكاني المعتاد الذي أستقبل فيه أصدقائي كالعادة .. وفي لحظة لم أتوقعها .. دخل صديقي إياه .. فرحاً .. مصهللاً .. يحمل في يده صورة في إطار جميل أسود .. نظرت إليها .. إبتسمت .. قلت : ماهذا .. قال : هديتي لك من باريس وهي كما ترى صورة من تحب .. «تشي غيفارا» .. فقلت .. ياه .. هدية رائعة .. وهي أجمل مما كنت أتوقع .. جلس وتحادثنا عن باريس .. عن العام والخاص .. هنا وهناك .. وغادر..
ظللت انا والصورة متجاورين .. أنظر إليها بحب كبير وجيفارا يبتسم لي .. آه .. ما أروع تلك الأيام .. حين كان الثوار (منتصبين .. يملؤون الأرض ضجيجاً) .. لحظة صمت وتأمل ثم راحت (باريس) تجول في خاطري .. فهي مدينة متمردة في كل شئ .. ولكنها تقبع في وسط ساكن .. فهذه المدينة تعرض صوراً لغيفارا .. بيسر.. وفخر .. إذن فهي مدينة مازالت تحتفظ وتختزن في ذاكرتها أيامها الثورية الخوالي .. ولم تتنكر لهذه «الخصلة الجميلة» والقصيرة من حياتها .. فباريس مدينة محببة إلي .. في شوارعها وساحاتها انبعث الحالم «هوشي منّه» ثورياً ومناضلاً .. قاد شعبه نحو التحرر والوحدة ..
المهم انني بقيت انا والصورة .. أتأملها .. وأتذكر الماضي القريب .. فغيفارا شهيد الحرية قد مضى .. داهمني «حزن صامت» وتساءلت : صديقي هذا أحضر لي صورة .. وذاكرة «تشي غيفارا» من جبال (سيرا ماستيرا) .. فمن سيحضر لي صورة زعيم الحرية الجديد النسر المحلق في جبال .. تورا بورا ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «283» التاريخ : 20/8/2002 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق