كنت مسافراً .. إستيقظتُ مُبكراً .. وإذا بالهاتف يرنّ .. تناولته على الفور وتيقنّتُ من محدثي في الجانب الآخر .. كان المدير العام لـ «الوحدات الرياضي» الأستاذ غصاب خليل .. سألني عن أحوالي وكيف تسير الأمور وعن موعد عودتي .. إحساس داخلي إستوقفني .. قُلت لنفسي هذا الإتصال لم يكن عبثياً .. وبعد أن تناولتُ إبريقاً كاملاً من الشاي المدّعم بالحليب ، وتناولتُ من الزُبدة الفرنسية واللبّنة الشامية ما لذّ وطاب ، غادرتُ الفندق في إتجاه المكتب ومن هناك تيقنّتُ أن مقالي الأسبوعي لـ «الوحدات الرياضي» قد «طار» في إتجاههِ المعروف عبر الأثير .. عندها توقفتُ متسائلاً عن سرّ هذا الإتصال الصباحي .. تناولتُ هاتفي وأجريتُ إتصالاً سريعاً مع المدير الإداري رمضان النجار الذي همهمَّ بكلام إكتشفت منه أن في الأمر شيئاً ما .. بدوره حوّل الهاتف في إتجاه رئيس التحرير سليم حمدان الذي أشار لي أن هناك بعض التحفُظات على مقالي الذي أرسلته تواً .. قُلت ما هو المطلوب ؟ .. قال إجراء بعض التعديلات..
لم يكن لدي وقتاً كافياً فلقد حان موعد إجتماع على صلةٍ بي .. قُلت إفعلوا ما شئتم .. عاودَ الأستاذ غصاب خليل الإتصال من جديد وهو يكادُ يخفي حرجه .. قال التعديل بسيط ولا يكاد يُذكر قُلت أفعلوا ما شئتم وذهبتُ الى إجتماع مع الصديق محمد الرفاعي أحد المنظّمين لمؤتمر الهيئة الوطنية للدفاع عن الثوابت.
كان اليوم هو الأخير الذي أقضيه في دمشق .. حاولتُ إنجاز كلّ ما هو ممكن .. وفي المساء غادرت في طريقي الى عمّان .. حاولتُ الإتصال بأكثر من زميل للوقوف على ما حصل .. قيل لي ببساطة لقد جرى تغيير أربع كلمات فقط «عنوان المقال» ونفس الكلمات من السطر الأخير في مقالك إياه .. قُلت حسناً ولكن هذه الأربع كلمات تُغير المعنى بالكامل.
في حُمى الإنتخابات .. والتقينا في إحدى «خيام المتعة» .. قال لي الأستاذ غصاب خليل «هلْكتني» .. الناس تذمروا من عُنف مقالاتك .. ونيلُك من المرشحين بشكل مباشر .. قُلت هل فيما أقول شيئاً من الكذب أو الإفتراء .. همْهم .. وإبتسم .. و«ضِحك عَلي» .. قُلت «مَعلِش غصاب مِنّا وفينا وحبيبنا» ويحقُّ له التدخُّل إذا ما رأى هُناك شيئاً من التجاوز أو المخاطر ..
في الأسبوع التالي بادرني بالسؤال عن ماذا سوف أكتُب .. قُلت في الموضوع إياه «الإنتخابات» .. قال على بركة الله «بس حسّن خطّك وخفّف عن الغلابة» ويقصد المرشحين .. قُلت سوف أكتب عن الرشاوي الإنتخابية .. قال حسناً .. «أخونا» غصاب لم يتصرّف على هذا النحو بمحض إرادته ، فهو يتعرض منذُ وقت لضغوطات من «العناكب» وبعض الإداريين السابقين والحاليين و«اللاحقين» وآخرين كالماء لا طعم لهم ولا لون ولا رائحة .. كل هؤلاء زيّنوا له الطريق وضرورة التدخل لوقف التطرف والمتطرفين على إعتبار أن جريدة «الوحدات الرياضي» جريدة رياضية لا غير ، ولا تحتمل الغوص تحت الماء .. ولا في الممنوعات .. في كلّ المرات التي كان يتدخل بها الأستاذ غصاب كُنت لا أُخيّب ظنّه ولن أخيب ظنّه هذه المرّة أيضاً .. فقد أوقفت مقالي المُرسل بعنوان «المال السياسي» .. «طوعاً» وإكراماً لعيونه ..
أسأل .. بتمرّد وإلحاح .. ما هي وظيفة الكاتب ؟ .. هل التمترس في الوسط ؟ .. هل الدفاع عن الغلط ؟ .. هل وظيفة الكاتب الترويج للحكام والمحكومين كيفما إتفق ؟ .. هل وظيفة الكاتب الدفاع عن الفساد والمحسوبية والمديونية ؟ .. هل وظيفة الكاتب تضليل الناس والكذب على ذقونهم كلما إقتضى الأمر ذلك .. وحسب الطلب ؟ .. وهل وظيفة الكاتب في «الوحدات الرياضي» الدفاع عن الإدارة والإداريين ؟ .. أسئلة برسم الإجابة نتركها للأستاذ غصاب خليل وكل من يعتقد أن لنادي الوحدات دور واحد .. الجري وراء «الطُبّة» .. ولا شيئ غير ذلك .. ولا يجوز أن نتكب في غير «الطُبّة» وشؤونها وشجونها ؟
وظيفة الكاتب والثائر والمُصلح البحث عن الحقيقة .. وتسليط الضوء عليها .. والدفاع عنها مهما كان ذلك مُكلفاً وصعباً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «698» التاريخ : 15/11/2010 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق