الاثنين، 31 يناير 2011

صباحك جميل يا مــصــر



لقد صبر المصريون طويلاً على نظامهم الفاسد وطنياً واجتماعياً وأخلاقياً .. وبدون مقدمات انطلقت الجماهير تملأ الشوارع والميادين في كل المدن والقرى والأرياف ، شيوخاً ورجالاً ونساءً وأطفالاً .. لا فرق بين مسلمين وأقباط ، فالكل سواءٌ في القمع والجوع والهوان بمصر «المحروسة» .. يُعبرونَ عن غضبهم ونفاذ صبرهم من هذا النظام الذي ارتهن طويلاً للأمريكان والكيان الصهيوني .. فعمّ الفساد والإفساد .. أصبح أغلب المصريّين عبيداً في بلادهم للنظام الحاكم وللقطط السّمان .. يفعلون بهم ما يشاءون بدون حسابٍ أوعقاب.
جاء مبارك الى السلطة على قاعدة العشائرية والقبلية .. وليس نتيجة وطنيته وكفاءته وشجاعته .. فالرجل كسلفه من (المنوفية) بلديّات (الريّس) قتيل المنصة (أنور السادات) .. لهذا السبب وحده تمت عملية اختياره نائباً له .. متنكراً ومستبعداً لكل رفاق (عبد الناصر) .. وعلى رأسهم نائب الرئيس حسين الشافعي .. زميله في قيادة حركة الضباط الأحرار ، فقد كان السادات يحقد عليه لاعتباراتٍ كثيرة .. أهمها أنه أعلى منه رتبة وأقدم في التنظيم .. ولم يكتف بذلك .. بل راح يلاحق القواعد الوطنية واليسارية الموالية لزعيم ثورة 23 يوليو(جمال عبد الناصر) .. فتحالف مع التيار الديني للانقضاض على هؤلاء وتشتيتهم بالبلاد وخارجها .. لم يحتمل ولم يرغب في بقاء أحد منهم داخل مصر .. فلاحقهم بلا هوادة .. شيخ الأزهر وراعي الكنيسة والصحفي الكبير هيكل .. حتى الشعراء والفنانون وفي مقدمتهم الثنائي الشهير (أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام) لم ينجُوا من جبروته .. سرعان ما انقلب عليه حلفاؤه الجدد بعد توقيع اتفاقية العار (كامب ديفد) ، وتخلّيه عن كل التزامات الدولة حيال الجماهير .. وانحيازه الكامل نحومعسكر الاعداء .. فكان لا بد من الانتفاضة .. لكنه اعتقل الجميع في يومٍ واحد .. ألاف المعتقلين .. يساريين ، ناصريين ، اسلاميين ، كُتاب ومفكرين ، أساتذة جامعات وطلاب .. وفي خطابه الشهير هدد (بفرْمهم) .. لكنهم في يوم مجده (فرموه).
جاء مبارك .. وأطلق سراح المعتقلين .. تعهد بالتغيير والديمقراطية والعدالة والمساواة .. وعودٌ براقة .. سرعان ما تخلى عنها .. وتمسك بقانون الطوارئ الذي راح بموجبه يبطش بمن يشاء .. فعمّ الخراب كافة الصُعد .. أصبح الإنسان المصري يشعر بالهوان في كل مكان .. فحمل الاسلاميون السلاح .. قاتلوه بلا هوادة فقتلهم جميعاً ، وزج بالألوف منهم في غياهب السجون .. كل يومٍ معتقلون اسلاميون ومن كل الاصناف .. تواطأ مع الاعداء على غزوالعراق .. رفض الحل العربي .. أرسل المصريين للقتال بجانب قوات الغزو (المارينز) .. وأصبح وسيطاً بين أصدقائه الجدد (اليهود) والفلسطينيين (الغلابى) .. لم يحرك ساكناً لمشاعر الملايين من العرب والمسلمين لإعدام (صدام حسين) صبيحة يوم الأضحى .. ونسي أن مصر حاضنة الأمة ورافعتها .. فتفكك العالم العربي .. وخسر السودان نصف أراضيه .. والرجل نائمٌ «في العسل» يحلم بتوريث نجله (جمال) الحكم من بعده .. ولأجل ذلك ينفذ كل ما يطلبه الأمريكان والصهاينة.
خروج المصريين بمئات الألوف .. وبهذا الاصرار على مطالبهم بإسقاط النظام .. ليس له إلا معنى واحد .. ارحل يا مبارك .. ارحل ايها الطاغية.
] جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو .. أسقط نظام فاروق المهترئ ، أشعل الثورة في العالم العربي ، عمل بشكل لافت لجلاء قوات الاحتلال عن تونس والجزائر واليمن ، مما أوغل عليه قوى الاستعمار والرجعية فناصبته العداء .. انحاز للفقراء من أبناء شعبه ، فتح باب التعليم المجاني من المدرسة الى الجامعة للمصريين والعرب ، قضى على الإقطاع وأقام العدل الاجتماعي ، تصدى للصهاينة وأعوانهم.
صحيح ان الرجل لم يسمح بهامش كبير أمام التعددية والديمقراطية حرصاً على الثورة ، لكنه كان وطنياً عربياً ثائراً.
عندما تلقى هزيمة حزيران ، تحمل المسؤولية كاملة وتنحى عن القيادة ليعود لصفوف الجماهير .. فخرجت الجماهير عن بكرة أبيها تطالبه بالبقاء .. لم يهرب .. لم يخيب أمال عشرات الملايين ، فأعد الوطن والجيش للحرب .. وكما وعد غادر ليلقى وجه ربه.
لقد أصبح (عبد الناصر) رمزاً للحرية والكبرياء .. لذا راحت تُرفع صوره في كل الاحتجاجات في مصر وخارجها .. شأنه شأن الثائر الارجنتيني (شي جيفارا).
أما انت يا (مبارك) فارحل قبل أن تدوسك اقدام الجماهير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «708»     التاريخ : 1/2/2011     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق