الاثنين، 7 مارس 2011

القوة الأخلاقية

 * نتيجة لرفض الكاتب محاولات تحريف بعض الكلمات في هذا المقال ولعدم قبوله بمحاولة البعض في عرضها بصور منمّقة فقد تقرر عدم نشرها في صحيفة الوحدات.




بالأمس حسَمت قوى الثورة في مصر معركتها الأخيرة مع نظام حسني مبارك المنهار بعد سجال قصير دام أربعين يوماً .. هذا السجال عبّر المصريين فيه عن حالهم بأروع الصور ..والذي اتسم بعمق حضارتهم .. وروعة تاريخهم .. واصالة تراثهم .. لم يستخدم الثوار في مصر العنف المطلق .. أو التخريب والمؤامرات والكذب والإفتراءات .. ضدّ نظام الوراثة في مصر .. بل واجهته إضافة إلى الحقائق بالصيحات .. والشعارات .. والرسوم والمزّيكا .. شارك في الثورة تلك .. النُخبة التي عرفت طريقها منذ البداية .. وحملت شعلة الحرية لأكثر من ثلاثة عقود .. مما ساهم في تراكم الرفض لنظام مبارك في الوجدان الشعبي .. والتي عبّر عنها المصريين بشكل صارخ من خلال ثورتهم .. ثورة 25 يناير .. ثورة الشباب .. ثورة الشعب المصري بكامله.
لقد استجاب المجلس العسكري الحاكم مؤقتاً .. وبعد تلكؤ لكافة مطالب الثوار فشُكلت لجنة لصياغة دستور جديد خلال عشرة أيام .. يواكب العصر .. ويُلبي حاجات المجتمع .. وإعادة بناء العقيدة الأمنية على أساس صحيحة شعارها الأمن في خدمة الشعب .. وليس في خدمة النظام.
لم تنخدع قوى الثورة بالوعود .. استمرت في التعبير عن حقهابالمطالبة .. بالتجمُّع .. والتجمهُر .. والتظاهر في ميدان التحرير في القاهرة .. وميادين وشوارع المدن الأخرى في طول البلاد وعرضها .. استجابت القيادة العسكرية المؤقتة لمطلبهم المُلح بإقالة حكومة «أحمد شفيق» .. وتكليف «الدكتور عصام شرف» أحد أبناء الثورة إنصياعاً لتطلُعات الجماهير وقيادة إئتلاف ثورة 25 يناير .. جاء الرجل بعد تكليفه بتشكيل الوزارة إلى ميدان التحرير ليتعهد أمام الشعب الذي إستوطن ميدان التحرير حتى تحقيق مطالبه .. خاطبهم أنه جاء الى هنا ليؤكد لهم أنه يستمد شرعية بقائه على رأس عمله من هذا الميدان متعهداً أنه سيستقيل ويعود الى ميدان التحرير مُتظاهراً إذا لم ينجح في تنفيذ مطالب الجماهير.
تلكُؤ ومناورات من بقايا فلول نظام بن علي في تونس اعتقاداً منهم أنهم يستطيعون سرق الثورة من أبنائها ومفجّريها الحقيقيين .. بالضحك على دقونهم بأنصاف الحلول .. لكن الجماهير هناك .. ظلّت يقظة .. متحفزة .. مستعدة للتضحية من جديد لإنجاز البرنامج الذي من أجله تفجرت الثورة.
الدم ينزف بغزارة بليبيا وزاويتها .. معظم الأرجاء الأخرى تنزف دماً وقهراً .. لا لشيء .. إلا لأن الزعيم الثائر كما يعتقد .. مصاب بوباءالغباء والصمم .. مدمنٌ للهلوسة .. معتقداً أنه نصف إله .. أرسله الرب لحل مشكلات البشرية.
لقد تخل اليمنيون في الشمال والجنوب عن تخزين القات .. وتفرغوا تماماً .. لإسقاط الدكتاتور الجاهل علي عبد الله صالح .. الذي أوشك حزبه ونظامه المتداعي على الإنهيار شيئاً فشيئاً تحت وقْع ضربات الجماهير الفطنة المصرّة على تطهير البلاد من طاغيتها وحاشيته وأبنائه .. إستقالات تنهال تباعاً من الوزراء والزعماء في حزبه الفاشي .. مُعلنة إنحيازها لليمن شعباً ووطن.
في الشارع الأردني تتصاعد .. وتعلوا أصوات الناس .. الرافضين للواقع السياسي .. والإقتصادي .. والإجتماعي.. المسيرات للأسبوع الثالث على التوالي تنطلق من ساحة المسجد الحسيني الكبير في عمان ومدن أخرى .. رافعين شعارهم المعروف «الشعب يريد إصلاح النظام»
إن تجاهل الواقع والقفز من فوقه لا يعني البتّة عدم وجود «الأزمة» .. ولعل النظام يُدرك أهمية وتواضع الشعارات المطروحة الآن .. إذ عليه إلتقاط اللحظة التاريخية ويُسارع بالتفاهم مع قادة الرأي في بلدنا للوصول الى حلٍ يُرضي جميع الأطراف كي لا تتفاقم وتتسع المُشكلة .. فإن رياح التغيير قادمة لا محالة.
جميعنا ندرك واقعنا السياسي المهتريء .. فبعض النواب المفترض بهم تمثيل الإرادة الشعبية .. «لا نعتقد أنهم كذلك» .. يخرج بعضهم ليشتمون الناس وعلى طريقة «القذافي» .. فشتم الأحزاب .. والحزبيين .. والتهجم .. على أنبل شباب ومناضلي بلدنا .. مؤشر حقيقي وخطير لعدم قُدرة هؤلاء على تمثيل الشعب الأردني .. إن وصول مثل هؤلاء لمجلس النواب قد جاؤا في غفلة من الزمن .. في ظل حالة الفراغ .. والفساد والإفساد المستشرية في بلادنا.



جميعنا نعرف ونكاد أن نجزم أن الإنتخابات الأخيرة قد عبرت عن ذاتها بالرشاوي وإستخدام البلطجة إضافة الى الفراغ .. إن هذا المجلس لم يكن ليستطيع أن يُلبي طموحات أحد .. لذا نُطالب بحلّه على الفور كمقدمة للإصلاح الحقيقي وتكليف لجنة صياغة قانون إنتخابي يتماها مع التطورات السياسية التي تعصف بالمنطقة.
المجرمون .. والقتلة .. والمزورون .. وملفقي التُهم .. قاموا بمحاولة إخفاءجرائمهم بحرق الملفات التي تحمل بصمات إدانتهم إعتقاداً منهم أن باختفاء الملفات تختفي الجريمة .. لكن هيهات فذاكرة الجماهير حيّة .. وعذابات المظلومين خالدة في مكامن الألم .. تُلاحقهم أين ما ذهبوا.
الجماهير تعرف .. تتذكر من أساء إليها .. من دافع عنها .. من ساندها.
لجاحدي حق الشعوب .. في زمن الجماهير .. تنتصر الشعوب بالقوة الأخلاقية .. والقوة الناعمة ..
وسيلاحقكم العار .. قبل .. وبعد أن تلاحقكم الهزيمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «713»     التاريخ : 8/3/2011     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق