الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

أتركوا الحمار وحيداً




ظلّ يعتقد على الدوام أنه «حالة» .. ظروف الفراغ السائد في المكان .. هجرة وعزوف الأخيار عن البقاء والمشاركة .. مغادرة الأقوياء بحُكم ظروف خارجة عن السيطرة .. البحث عن الصغار تغلغلت وترسّخت في المكان.
الأغبياء والحمقى والمجانين هم الخيار المفضل لأولي الأمر .. لا كلفة باهظة لمثل هؤلاء .. فأحسنهم حالاً .. «روح روح .. تع تع» وبصريح العبارة يعني «طراطير».
هؤلاء عندما تعلفهم .. شعيراً كان أم تبناً .. لا فرق.. يقفون بالساعات في إنتظارك على الأبواب .. وربما على أطراف المُخيم .. يتراكضون من أمامك ومن خلفك وهم لا يفقهون .. حوار صريح وإنساني مع صديق مُهيمن في المكان .. له دورٌ محوري .. دوره هذا .. «إختطفه» .. بفضل إمكانياته الكبيرة .. ورغبته وسخائه في إستخدام هذه الإمكانيات بشكل مُفرط .. في معرض التندُر على هؤلاء القوم .. قال .. أخونا فلان .. مِن أحسن العناصر لشغل منصبه هذا .. قُلت .. كيف ؟ .. ولماذا ؟ .. فالرجل بلا إمكانيات إدارية أو فكرية .. وتكاد لا تراه أو تسمعه من ضحالة إمكانياته .. لا يُتقن شيئاً على الإطلاق .. ولا يحمل أيّة وجهة نظر .. لا يستطيع أن يُدافع عن أي فكرة ، وأفضل أحواله عندما يظلُّ صامتاً ؟! .. ضحك صاحبي طويلاً .. كاد أن يسقطُ من على مقعده من شدّة هستيريا الضحك .. قال وهو يترنح من الإنشراح .. هذا النموذج الذي أرغب في التعامل معه .. فهذا النوع من الناس .. تقول له السماء سوداء .. فيقول «نعم» السماء أكثر سواداً .. هذا الكائن مريحٌٌ للغاية ولا يحتاج لإجهادك في إقناعه في أي مسألة ما .. فما عليك إلا أن تدُس يدك في المحفظة .. وتُعطيه ما تيسر من المال لتسديد قسط السيارة .. أو الشقّة .. أو لتسديد إشتراكات عضويته عن دورة كاملة .. هذه العضوية التي تباع ليلاً نهاراً .. سرّاً وعلانية ولأكثر من شخص واحد .. «فبابا نويل»  متواجد بكثرة هذه الأيام .. والسيارة جاهزة على الدوام لنقلهم أفراداً وجماعات .. لإحتساء الشاي والقهوة عند هذا و ذاك من الباحثين عن دور .. أو لتلقي هدية ما .. من المانحين.. فلا يهم أن كانت نقدية أو عينية .. فكثيراً من السمك والبلح ما يُسعد القلب .. لم يقتصر الأمر على «بابا نويل» بعينه .. فدخل على الخط «باباوات» كثر من أصحاب المال والأعمال .. يطرقون الأبواب بقوة بأيديهم وأرجلهم .. فدفاتر الشيكات جاهزة  ولا يزعجهم إن كنت تريد عطاياك نقداً .. إمعاناً في السرية , فهم على الدوام جاهزون .. يدعونك لأشهى الولائم وأرقى الأماكن التي لم تكن في حُسبانك يوماً ما .. هؤلاء «الباباوات» دخلوا «بقوة» على الخط .. يملكون كل أدوات اللعبة .. سيارات فاخرة لتكريس هيبتهم .. سيارات أُخرى إضافية للإعارة كلما إقتضى الأمر .. رصيد كبير أودع في تصرف أحدهم لكي يُفتح له المكان من أوسع أبوابه .. فالرجل حققّ مكانه تحت القُبة .. بنفس الطريقة .. بنفس الأسلوب .. بنفس الأدوات .. «الباباوات» يتصارعون .. في سباق مع الزمن .. الكل يُريد قطع الطريق على الآخر .. أما الغلمان فهم جاهزون يعرضون بضاعتهم وخدماتهم لكل من يدفع .. يضلّلون القادم الجديد ويوهمونه بقدرتهم الفائقة على الإنجاز .. فتاريخهم طويل في الوقوف أمام المكان لنصرة هذا في مواجهة ذاك مقابل أجر معلوم .. وآخر غير معلوم «تحت الطاولة».
في هذا المناخ المتخم بالفساد والفاسدين .. وجد صاحبنا نفسه فجأة يجلس في مكان أكبر منه ومن أمكانياته .. وبموقع لا يستطيع أمثاله أن يشغروه في ظروف طبيعية خالية من الفساد والسُلطة والمال .. صاحبنا هذا لم يصدق نفسه .. راح يشتم هذا وينعت ذاك .. يكذب ..يستغيب الناس .. كل الناس .. يتوهم البطولة .. يتهجم على الآخرين في مجالسه التي تزدحم بأمثاله .. يفتعل المشاكل على الدوام .. لم يسلم أحد من شروره وأذاه .. المشكلة أنه يعود ويتنصل من كل أفعاله ويحمل فُرشاته الطويلة  للمديح .. يفتعل المتاعب وهو أقل الناس قُدرة على مُجاراتها ، فحياته بائسة أو تكاد .. لم تتحسن أوضاعه إلا بفضل هؤلاء القوم الذين ينال منهم الآن .. والآخرين سوف ينال منهم عندما تنتهي حاجته .. يعتقد وجماعته أنهم رقماً ذو قيمة .. والحقيقة .. أن وجودهم جاء صدفة .. بفعل تعهد وإلتزام أخلاقي.
أما الذين يصفّقون الآن  لحالة الهياج والجنون هذه .. فعليهم «ترك الحمار وحيداً».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «700»     التاريخ : 7/12/2010     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق