الاثنين، 7 فبراير 2011

ميدان التحرير










الحراك الذي تشهده المنطقة العربية منذ مطلع هذا العام تُعبر بوضوح عن حالة النقمة والهيجان التي تختزن في صدور الملايين من العرب الذين سلبت حريتهم وكرامتهم وحقوقهم الاجتماعية والسياسية طوال أكثر من أربعة عقود على أيدي جلاديهم من أبناء جلدتهم .. لقد طال صبر وصمت الجماهير على هؤلاء الطغاة لأسباب عديدة ذاتية وموضوعية .. فالإنسان العربي بحكم نشأته ابناً للصحراء يعشق الحرية بالضرورة ويعشق الكرامة وينحاز للوطن .. ولقد تنازل هذا المواطن طوعاً عن كافة حقوقه في الحرية والمساواة مقابل تصدى هذه الانظمة للمهمات الاكثر أهمية (التحرير و الوحدة) .. فمن أجل التحرير .. فلسطين كل فلسطين .. ومن أجل الوحدة العربية من المحيط الى الخليج .. ظل هذا المواطن الشريف صامتاً ساكناً صابراً ينتظر تحقيق حلمه هذا .. لكن هيهات .. فالأنظمة وحكامها في واد .. والشعوب في وادٍ أخر .. فلم تنجز تلك الانظمة العميلة والمرتبطة بذيل القوى الكبرى ولو بقدر بسيط في مسألتي (التحرير و الوحدة) بل العكس .. تكرست الاقليمية .. وتمزقت الاقطار .. وتم الاعتراف بالدولة العبرية كواقع مسلم به .. وراح القتلة  الصهاينه  يجوبون العواصم العربية بحرية تامة ..  كأبناءً للعم .. وجيرانٍ اعزاء .. والأدهى أن الطاغية المصري وسلطة العائلة الحليفة  «للحيتان»  جعلت من "مصر" وسيطاً بين (غلابى) فلسطين .. (والقتلة) في الدولة العبرية !!ولا شأن لها غير ذلك .. فاحتقن الشارع المصري أكثر من مرة ..فتربصوا بمنفذ اتفاقية العار .. وقتلوه جهاراً نهاراً وأمام عدسات التلفزة .. في يومٍ أعتقد انه يوم مجده ..فظل يوم عاره وعار نظامه .. أما الطاغية الجديد .. والذي مـُنح فرصةً للحياة حين وجه له أحد من عاقبوا قتيل المنصة (متخفش.. إحنا مش عاوزينك ) فلم يتعظ ولم يفهم الرسالة .. فراح يتمسكن حتى يتمكن .. فباع نفسه ومصر للأمريكان والصهاينة .. ولكل من يدفع .. وتحالف مع القطط السمان حتى أصبحت (حيتان) ونهبوا مصر وأهلها في الليل والنهار.
اعتقد الفرعون أن شعب مصر قد مات .. ونسي طبيعة وتاريخ هذا الشعب .. وتغافل عن مفاهيم (الصعيدي) الذي لا يمكن أن يفرط بثأره مهما طال الزمن .. فانتفض المصريون في كل أصقاع الارض في مصر وخارجها .. يطالبون الفرعون بالرحيل .. فامتلأت مدن وشوارع مصر بالمتظاهرين من الشيوخ والشباب والنساء والأطفال يهتفون بصوتٍ واحد (إرحل , إرحل مش عاوزينك) .. اعتقد الطاغية انه قد دجن الجيش  .. ولم يعد في مصر كلها من هو على شاكلة  (ناصر وحكيم وصدّيق) الذين أطاحوا  بالفاسد «فاروق» .. وظن انه قد اسس وبدعم غربي أكبر جهاز قمعي في العالم .. البالغ تعداده أكثر من مليون دركي ..يتمتعون بالامتيازات .. وزُين إعلامياً لهذا الجهاز.. حتى أصبح حلماً لكل مصري بالالتحاق بكلية الشرطة بدلا من كلية الطب.
في ميدان التحرير بالقاهرة وميادين أخرى ..بُعثت مصر من جديد .. مصر الحقيقة ملايين المنتفضين يعبرون عن صورة  مصرومخزونها الثوري  .. فالموقف الوطني .. والوعي السياسي .. والانضباط الأخلاقي .. لمئات الالوف من النساء والرجال يملؤون الميدان .. فلا تحرش جنسي ولا سرقات ولا مخدرات .. الكل متضامن .. من هنا ولدت مصر الحرة .. وليست مصر الذي رُوّجت كمنتجع للسياحة والسُياح الباحثين عن المتعة والمخدرات .. فاعتقدنا ان  شعب مصر مجموعات من (الحشاشين) وبائعات الهوى.
في الطريق الى الحرية .. الى الانعتاق .. الى المجد .. استشهد وجرح المئات .. ولا زال الطريق مفتوحاً.. لم ينهار شعب مصر أمام الطاغوت وأدواته .. لم يجبن شباب وبنات مصر بفعل التواطؤ الرسمي العربي الذي وظف ماله واعلامه .. لتشويه صورة هؤلاء الأبطال رجالاً ونساء .. فالجوار العربي يرتعد خوفاً وهلعاً من نجاح الظاهرة .. (فضربتين بالرأس توجع) .. فمن هذه الكلمات (بن علي هرب .. إرحل إرحل يا مبارك) تهتز كراسي الحكام وترتجف فرائصهم من حساب الجماهير.
الوسطاء .. الحكماء .. المناضلون السابقون .. أحزاب المعارضة (إسلامية كانت أم يسارية) .. كلها تلهث للبحث عن دور مفقود .. طالما انتظروه من الفرعون .. لكنه لم يأبه بهم.. فالرجل مشغول بتوريث اولاده السلطة والمال "لجمال وعلاء" .. للجمع بين طرفي المعادلة .. لكي تحكم مصر .. بقبضة العائلة .. وولاء الحاشية .. الوسطاء والحكماء أصبحتم من الماضي .. وتجاوزتكم الأحداث .. وما عليكم إلا أن ترفعوا أحذية (سالي زهران) ورفقائها من الشهداء .. حتى نغفر لكم ونتجاوز عن سيئاتكم وهوانكم واستسلامكم "للفرعون".
في ميدان التحرير .. تنطلق الحناجر بصوت واحد .. (الشعب .. يريد .. إسقاط .. النظام).



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي»      العدد «709»     التاريخ : 8/2/2011     سامي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق