ثمة أزمة خانقة يعاني منها النظام الحاكم في مصر ، ولا تقتصر هذه الأزمة على العلاقة بين ذلك النظام والقوى السياسية فحسب بل تعدتها لتشمل جموع الشعب المصري بجياعه وكادحيه ومثقفيه ، وغالبية شرائح المجتمع.
فالنظام الحاكم في مصر وعبر مسيرته الطويلة بعد رحيل الزعيم الوطني جمال عبد الناصر ، وهو يخوض معاركه الداخلية المختلفة بعد أن وقّع إتفاقية الإذعان (كمب ديفيد) ، حيث رهن مجمل سياساته الداخلية والخارجية بذيل السياسة الأمريكية والبنك الدولي والقوى المانحة ، ولم تنج قوة أو شريحة سياسية كانت أو إجتماعية من بطش ذلك النظام وملاحقته ، فالناصريون واليساريون تعرضوا لشتى أنواع الإضطهاد والتعسف طوال عقدين من الزمن بعد إنكفاء المرحلة الناصرية تلا ذلك ملاحقة عنيفة ودموية للتيارات الإسلامية المتطرفة ، حيث خاض النظام الحاكم وأجهزته المختلفة حرباً ضروساً لا هوادة فيها حتى تمكن من كبح وتصفية تلك التيارات ، لم يتوقف الأمر عند هؤلاء بل تعداه الى ملاحقة يومية ومستمرة لجماعة الإخوان المسلمين ، وطوال العقدين المنصرمين ، لا لشيء إلا لأن جماعة الإخوان المسلمين قد استحوذت وبشكل لافت على تعاطف الشارع في مصر ولم يكن هذا التعاطف الشعبي إيماناً أو إنتصاراً للإخوان المسلمين ، بل نكاية بالنظام الحاكم.
أما القوى الإجتماعية قد عانت وتعرضت للتآكل ، وتراجع دور الطبقة الوسطى ، نتيجة هيمنة قوى الفساد ، وهي الطبقة التي تحفظ التوازن بين المجتمعات فازداد الفقراء فقراً ، وهيمن اللصوص على مقدرات الحياة السياسية والاقتصادية في مصر وعم الخراب ليشمل كافة قطاعات المجتمع.
ولم تقتصر الأزمات العنيفة ، التي راحت تدق وتنهش البنية الإجتماعية والأخلاقية في مصر ، بل تعدتها الى رفض شبه كامل ، من قوى النخبة بتبديد حلم رأس النظام الحاكم في التوريث ، فمن حركة كفاية الى البرادعي ، تلقى هذه المسألة معارضة كبيرة وعنيفة في الشارع المصري ، ولحل هذه المعضلة ينتهز النظام الحاكم أية فرصة تلوح في الأفق لإلهاء الشارع المصري عن قضاياه الداخلية باختلاق أزمات خارجية تخفف عنه لبعض الوقت صرخات واحتجاجات الجماهير الغاضبة والجائعة من بؤس النظام الغارق في الوحل حتى أذنيه.
فمن أزمة كرة القدم مع الفريق الجزائري الذي أُقيمت بالخرطوم ، لتصفيات كأس العالم ، والذي كان النظام الحاكم يمني النفس بوصوله الى النهائيات في جنوب أفريقيا ، لاكتساب المزيد من الوقت لإلهاء الجماهير العاشقة لكرة القدم وفريقها الوطني ، الى خلية حزب الله واتهامها بالتخريب والاعتداء على السيادة المصرية ، الى أنفاق غزة والصراع مع حركة حماس ، وكيل الاتهامات الكاذبة لها ، من تهريب المخدرات والأسلحة وتزوير العملة ، الى إنتهاك للسيادة المصرية ، معارك جانبية إعتاد النظام الحاكم في مصر على استحضارها وافتعالها إن لم تكن موجودة أصلاً لإبعاد أنظار ذلك الشعب المسكين عن أزماته الحقيقية ، أما آخر مبتكرات وأكاذيب النظام الحاكم وأجهزته الإعلامية ، حادث القتل الذي تعرض له شاب مصري غادر مصر هرباً من الجوع والهوان في قرية لبنانية بإقليم الخروب تدعى (كترمايا) ، واتهام حزب الله والشيعة بقتله عبر حملة كبرى من أبواق النظام وأجهزته الإعلامية بهدف تحريض الشعب المصري على العرب والعروبة وإفتعال أزمة طائفية ، وتضليل المصريين بأن كل المشاكل التي يعانون منها مصدرها الإنتماء الى العرب والعروبة فمن الجزائريين الى اللبنانيين ثم الفلسطينيين يأتي الخراب لمصر أم الدنيا حاضنة العرب.
] للنظام الحاكم في مصر .. قرية (كتر مايا) اللبنانية قرية سنية وسكانها بالكامل من أنصار الحريري ، ولا يوجد فيها شيعي واحد ، الشاب المصري القتيل إرتكب جريمتي قتل وإغتصاب بحق قُصر ومسنين ، ونحن ضد قتله ولكن هذه الممارسات الثأرية البدائية المرفوضة من عادات اللبنانيين والمصريين أيضاً ، فلماذا كل هذا التحريض ؟
المسؤول الأول عن عملية القتل ، لصوص النظام الحاكم ، الذين أجبروا المصريين على الرحيل الى كل أصقاع الأرض ليلاقوا ما يلاقون من هوان.
لقد حل الخراب والفقر والهوان بأم الدنيا (مصر) على أيديكم ، فأين هي السيادة التي تتحدثون عنها ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدات «الرياضي» العدد «672» التاريخ : 11/5/2010 سامي السيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق